بحذافيرها.
وذكر قدسسره سفره إلى مصر بترجمته لنفسه حين شرح أسفاره :
« في مصر :
... كنت أُحب ـ فيما أحب ـ أن ازور مصر وأقف على أعلامها لأخذ العلم عنهم ، ولأبلو ما يبلغني عن الجامع الأزهر ذلك المعهد الجليل. وظلت هذه الأُمنيّة كامنة في نفسي حتى حفّزها خالي المرحوم السيد محمد حسين في أواخر سنة ١٣٢٩ ، حين زارنا في عاملة ...
وقد بدأت هذه الجولة بالحضور في دورة الشيخ سليم البشري المالكي ـ شيخ الأزهر يومذاك ـ وكان يشرف على طلابه من منبره وهو منطلق في درسه انطلاقا يلحظ فيه توفّره وضلاعته فيما هو فيه. وكان يلقي درساً في مسند الإمام الشافعي ... حضرت درسه لأول مرة ... وعرض لي أثناء الدرس ما يوجب المناقشة فناقشته ، ثم علمت بعدئذ أن المناقشة وقت المحاضرة ليس من الدراسة الأزهرية ، فكنت بعدها أفضي إليه بعد الدرس بما عندي من المسائل الجديرة بالبحث والمذاكرة.
وقد كانت مناقشتي الأولى ـ في كل حال ـ سببا في اتصال المودة بيني وبينه ، وسبيلا إلى الاحترام المتبادل ، ثم طالت الاجتماعات بيننا ، وتشاجنت الأحاديث وتشعّب البحث بما سجّلناه في كتابنا : المراجعات. ولو لم يكن من آثار هذه الزيارة إلا هذا الكتاب لكانت جديرة بأن تكون خالدة الأثر في حياتي على الأقلّ.
ولعل الكتاب يصوّر بعض الأجواء العلمية التي تفيّأناها يومئذ منطلقين في آفاقها ، منطلقين من القيود الكثيرة التي كانت توثق الأفكار آنذاك برجعيّات يضيق صدرها حتى بالمناقشة البريئة والتفكير الصحيح.
ومهما يكن من أمر ، فقد نعمنا بمصر في خدمة هذا الشيخ ، واتّصلنا بغيره من أعلام مصر المبرّزين ، إذ زارونا وزرناهم ، أخص منهم العلامتين :