ما لا يكاد يوجد في غيرها. وكان لي فيها كتب استفرغت في تأليفها زهرة حياتي وأشرف أوقاتي ، فإنّا لله وإنا إليه راجعون » (١).
ثمّ إنّه شُرِّد به ـ طاب ثراه ـ مع أهل وذويه إلى دمشق ، فبقي بها مدة وانتقل منها إلى فلسطين ، ومنها إلى مصر ، وهو في جميع هذه الأحوال متنكر وراء كوفية وعقال على نسق المألوف من الملابس الصحراوية اليوم ، حتى إذا قصد الهجرة إلى العراق أرسل إليه بأمان وطلب منه العودة إلى وطنه ، وكانت العودة يوم الجمعة ١٨ شوال سنة ١٣٣٩ هـ.
والخلاصة : إنه لما يئست قوات الاحتلال من القبض عليه ، عادت فسلطت النار على داره في ( شحور ) فتركتها هشيما تذروه الرياح ، ثم احتلت داره الكبرى الواقعة في ( صور ) بعد أن أباحتها للأيدي الاثيمة تعيث فيها سلبا ونهبا ، حتى لم تترك فيها غاليا ولا رخيصا ، وكان أوجع ما في هذه النكبة تحريقهم مكتبته العامرة بكل ما فيها من نفائس الكتب وأعلاقها ، ومنها مؤلفاته الكثيرة القيمة التي كانت خطية في ذلك الوقت ، والمكاتيب والمراجعات.
فهذا موجز تلك الحوادث والكوارث ، كما في مقدمة « المراجعات » وغيرها من المؤلفات ، وفي كتاب « الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين مصلحا ومفكرا وأديبا ) وغيره مما كتب بترجمة السيد ، وإن شئت التفصيل فراجع ( البغية ) بقلمه الشريف ، فقد ذكر فيها جميع تلك الكوارث والحوادث بما لها من خصوصيات وجزئيات ... واليها أشار ـ رحمهالله ـ في مقدمة « المراجعات » ثم صرّح بأن الصحف التي ينشرها الآن كلها بلفظه وخطه ...
لكن البعض لا يصدقون السيد ـ الصادق المصدق ـ فيما يقول أو لا يرون ما لاقاه وقاساه ـ مع شعبه ـ كوارث! أو يريدون إنكار تلك الجهود ، أو استنكار ذلك الجهاد ضد الاستعمار! فيذكرون للتأخير سببا من عندهم ، بوحي من
__________________
(١) بغية الراغبين ٢ | ١٦٣.