الآية المباركة ( ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة ... ) فإنه قد جعلت « المودة » ـ بناء على اتصال الاستثناء ـ أجرا للرسالة ، ومن المعلوم أنه لولا التساوي والتناسب بين الشيء ومقابله لم يصدق على الشيء عنوان « الأجر » ، وحينئذ فإذا لاحظنا عظمة الرسالة المحمدية عند الله وعند البشرية اهتدينا إلى عظمة هذا الأجر وهو « المودة في القربى ».
وكذا بناء على الانقطاع ، لأن الروايات قد دلت على أن المسلمين اقترحوا عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يدفعوا إليه في مقابل أداء الرسالة من الأموال ما يكون معه في سعة فأجاب ـ بناء على هذا القول ـ بالرد وأنه لا يسألهم أجرا أصلا ، ثم قال : ولكن « المودة في القربى » فجعلها هي الشيء المطلوب منهم والواجب عليهم ..
فإيجاب المودة ـ في مثل هذا المقام ، دون غيرها مما كان بالإمكان أن يطلبه منهم ـ يدل على أن هذا الأمر أهم الأشياء عند الله والرسول.
وعلى الجملة .. ليس المراد مجرد المودة والمحبة ، بل هي المحبة المستتبعة للانقياد والطاعة ، قال تعالى : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) (١) والاتباع يعني إطاعة الأمر كما في الآية المباركة : ( وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري ) (٢).
والاتباع ، والانقياد التام ، ، والإطاعة المطلقة ، هو معنى الإمامة والولاية ... قال العلامة الحلي : « الرابعة : قوله تعالى : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) روى الجمهور ...
__________________
(١) سورة النساء ٤ : ٣١. وراجع التفاسير كالرازي ٨ | ١٧.
(٢) سورة النور ٢٤ : ٥٤.