يستطاع شرابه ، وبصق في بئر كان ماؤها وشلا فعادت فلم تبض بقطرة من ماء ، وتفل في عين رجل كان بها رمد فعميت ، وعلى جراح ـ أو قالوا جراح آخر ـ فاكتسى جلده برصا ـ.
فقالوا لمسيلمة في ذلك منه ، واستبرؤوه.
فقال : ويحكم بئس الأمة أنتم لنبيكم والعشيرة لابن عمكم أن كنتم تحيفوني يا هؤلاء من قبل أن يوحى إلي في شيء مما سألتم ، والآن فقد أذن لي في أجسادكم وأشعاركم دون بياركم ومياهكم ، هذا لمن كان منكم بي مؤمنا ، وأما من كان مرتابا فإنه لا يزيده تفلتي عليه إلا بلاء ، فمن شاء الآن منكم فليأت لأتفل في عينه وعلى جلده.
قالوا : ما فينا ـ وأبيك ـ أحد يشاء ذلك ، إنا نخاف أن يشمت بك أهل يثرب ؛ وأضربوا عنه حمية لنسبه فيهم وتذمما لمكانه منهم.
فضحك السيد والعاقب حتى فحصا الأرض بأرجلهما ، وقالا : ما النور والظلام والحق والباطل بأشد بيانا وتفاوتا مما بين هذين الرجلين صدقا وكذبا.
قالوا : وكان العاقب أحب ـ مع ما تبين من ذلك ـ أن يشيد ما فرط من تقريظه مسيلمة ويوثل منزلته ليجعل لرسول الله صلىاللهعليهوآله كفؤا ، استظهارا بذلك في بقاء عزّه وما طار له من السمو في أهل ملته ، فقال : ولئن فخر أخو بني حنيفة في زعمه أن الله عز وجل أرسله ، وقال من ذلك ما ليس له بحق ، فلقد بر في أن نقل قومه من عبادة الاوثان إلى الإيمان بالرحمن.
قال حارثة أنشدك بالله الذي دحاها ، وأشرق باسمه قمراها ، هل تجد في ما أنزل الله عز وجل في الكتب السابقة : يقول الله عز وجل : أنا الله