ثم ذكر أن أبا حارثة سأل السيد والعاقب أن يقفا على صلوات إبراهيم عليهالسلام الذي جاء بها الأملاك من عند الله عز وجل ، فقنعوا بما وقفوا عليه في الجامعة ، قال أبو حارثة : لا ن بل شارفوها بأجمعها واسبروها ، فإنه أصرم للعذور ، وأرفع لحكة الدور ، وأجدر ألا ترتابوا في الأمر من بعد.
فلم يجدا من المصير إل قوله من بد ، فعمد القوم إلى تابوت إبراهيم عليهالسلام ، قال : وفيه : وكان الله عز وجل ـ بفضله على من يشاء من خلقه ـ قد اصطفى إبراهيم عليه بخلته ، وشرّفه بصلواته وبركاته وجعله قبلة وإماما لمن يأتي من بعده ، وجعل النبوة والإمامة والكتاب في ذريته ، يتلقاها آخر عن أول ، وورثه تابوت آدم عليهالسلام المتضمن للحكمة والعلم الذي فضّله الله عز وجل به على الملائكة طرا.
فنظر إبراهيم عليهالسلام في ذلك التابوت ، فأبصر فيه بيوتا بعدد ذوي العزم من الأنبياء المرسلين وأوصيائهم من بعدهم ، ونظرهم فإذا بيت محمد صلىاللهعليهوآله آخر الأنبياء ، عن يمينه عليّ بن أبي طالب آخذٌ بحجرته ، فإذا شكل عظيم يتلألأ نورا فيه هذا صنوه ووصيه المؤيد بالنصر.
فقال إبراهيم عليهالسلام : إلهي وسيدي! من هذا الخلق الشريف؟
فأوحى الله عز وجل : هذا عبدي وصفوتي ، الفاتح الخاتم ، وهذا وصيه الوارث.
قال : رب ما الفاتح الخاتم؟
قال : هذا محمد خيرتي ، وبكر فطرتي ، وحجتي الكبرى في بريتي ، نبأته واجتبيته إذ آدم بين الطين والجسد ، ثم إني باعثه عند انقطاع الزمان لتكملة ديني ، وخاتم به رسالاتي ونذري ، وهذا علي أخوه وصديقه الأكبر ،