القاري بالقرآن مخلوق ... وسافر ابن إسماعيل مختفيا من نيسابور وتألم من فعل محمد بن يحيى » (١).
وقد تألم غير واحد من أعلام القوم من موقف الذهبي من البخاري حين أورده في كتاب « الضعفاء ».
قال السبكي : « ومما ينبغي أن يتفقد عند الجرح : حال العقائد واختلافها بالنسبة إلى الجارح والمجروح ، فربما خالف الجارح المجروح في العقيدة فجرحه بذلك.
وإليه أشار الرافعي بقوله : وينبغي أن يكون المزكون برآء من الشحناء والعصبية في المذاهب ، خوفا من أن يحملهم على جرح عدل أو تزكية فاسق ، وقد وقع هذا لكثير من الأئمة ، جرحوا بناء على معتقدهم ، وهم المخطئون والمجروح مصيب.
وقد أشار شيخ الإسلام ، سيد المتأخرين : تقي الدين ابن دقيق العيد في كتابه ( الاقتراح ) إلى هذا وقال : أعراض المسلمين حفرة من حفر النار ، وقف على شفيرها طائفتان من الناس : المحدثون والحكام.
قلت : ومن أمثلته : قول بعضهم في البخاري : تركه أبو زرعة وأبو حاتم ، من أجل مسألة اللفظ.
فيا لله والمسلمين! أيجوز لأحد أن يقول : البخاري متروك؟! وهو حامل لواء الصناعة ، ومقدم أهل السنة والجماعة » (٢).
فهذه عبارة السبكي ، ولم يصرح باسم القائل بذلك وهو الذهبي ، لكن المنّاوي صرح باسمه ، واتهمه بالغض والغرض من أهل السنة ، وكأنه ليس الذهبي من أهل السنة!! فقال بترجمة البخاري :
« زين الأمة ، افتخار الأئمة ، صاحب أصح الكتب بعد القرآن ، ساحب
__________________
(٦) سير أعلام النبلاء ١٢ | ٢٨٣.
(٧) طبقات الشافعية ١ | ١٩٠.