والحنفيين ، ومال فأفرط على الأشاعرة ، ومدح فزاد في المجسمة. هذا وهو الحافظ المدره ، والإمام المبجل ، فما ظنك بعوام المؤرخين » (١).
وعن تلميذه صلاح الدين العلائي : « الشيخ الحافظ شمس الدين الذهبي ، لا أشك في دينه وورعه وتحريه فيما يقوله الناس ، ولكنه غلب عليه مذهب الإثبات ، ومنافرة التأويل ، والغفلة عن التنزيه ، حتى أثر ذلك في طبعه انحرافا شديدا عن أهل التنزيه ، وميلا قويا إلى أهل الإثبات. فإذا ترجم لواحد منهم يطنب في وصفه بجميع ما قيل فيه من المحاسن ، ويبالغ في وصفه ، ويتغافل عن غلطاته ويتأول له ما أمكن ، وإذا ذكر أحدا من الطرف الآخر كإمام الحرمين والغزالي ونحوهما لا يبالغ في وصفه ، ويكثر نم قول من طعن فيه ، ويعيد ذلك ويبديه ، ويعتقده دينا وهو لا يشعر ، ويعرض عن محاسنهم الطافحة فلا يستوعبها ، وإذا ظفر لأحد منهم بغلطة ذكرها ... » (٢).
قال السبكي : « والذي أدركنا عليه المشايخ : النهي عن النظر في كلامه وعدم اعتبار قوله ، ولم يكن يستجرئ أن يظهر كتبه التاريخية إلا لمن يغلب على ظنه أنه لا ينقل عنه ما يعاب عليه » (٣).
قال : « كان يغضب عند ترجمته لواحد من علماء الحنفية والمالكية والشافعية غضبا شديدا ، ثم يقرطم الكلام ويمزقه ، ثم هو مع ذلك غير خبير بمدلولات الألفاظ كما ينبغي ، فربما ذكر لفظة من الذم لو عقل معناها لما نطق بها » (٤).
__________________
(١) طبقات الشافعية ٩ | ١٠٣.
(٢) طبقات الشافعية ٢ | ١٣.
(٣) طبقات الشافعية ٢ | ١٣.
(٤) طبقات الشافعية ٢ | ١٤.