لكن ابن تيمية قال في أوّل ج٣ من كتاب منهاج السنّة النبويّة ص٤ : أمّا حديث الكساء فهو صحيح ، وروى الحديث ، ثمّ قال : وغاية ذلك أن يكون دعا لهم بأن يكونوا من`المتّقين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم ، واجتناب الرجس واجب على المؤمنين ، والطهارة مأمور بها كلّ مؤمن ... إلخ.
وابن تيمية (رحمه الله) في رأيه هذا تعدّى حدّ الإنصاف ، وعطّل الآية وحديث الكساء من المعنى ؛ إذ لم يجعل لأهل البيت (عليهم السّلام) فضلاً على غيرهم ، مع أنّه واضح أنّ الكتاب والحديث يخصّانهم بالفضل. انتهى كلام الحسيني. أقول : أحسب أنّ ابن تيمية لو استطاع أن يحذف ويمحو هذه الآية من القرآن ، أو يحرّفها ويأوّلها في أبناء الطلقاء لفعل ، ولقبلها منه أتباعه السذّج بأحسن قبول ؛ لأنّه ابن تيمية.
روى السيوطي (١) عن ابن جرير وابن حاتم ، عن قتادة (رضي الله عنه) في قوله : (إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) قال : هم أهل بيت طهّرهم الله من السوء ، واختصّهم برحمته. قال : وحدّث الضحاك بن مزاحم (رضي الله عنه) أنّ نبي الله (صلّى الله عليه وآله) كان يقول : «نحن أهل بيت طهّرهم الله. من شجرة النبوّة ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، وبيت الرحمة ، ومعدن العلم».
وقد ذكر خبر الكساء جمع من العلماء والمؤرخين ، كالترمذي (٢) ، ومسلم (٣) ، وصاحب المستدرك (٤) ، ومعالم التنزل بهامش الخازن (٥) ، إلى غير ذلك من المصادر الوثيقة ، فاطلبها من مضانّها. قال الشاعر :
إنّ النبيَّ محمداً ووصيَّه |
|
وابنيه وابنته البتولَ الطاهرهْ |
أهلُ العباءِ وإنّني بولائهمْ |
|
أرجو السلامةَ والنجا في الآخرهْ |
قلت : ثمّ سرى والحرّ يسير إلى جنبه.
__________________
(١) انظر جلال الدين السيوطي ـ الدر المنثور ـ ج ٥ ص ١٩٩.
(٢) انظر الترمذي ج ٤ ص ٢٠٤.
(٣) انظر صحيح مسلم ج ٤ ص ١٢٧.
(٤) انظر الحاكم في المستدرك ج ٢ ص ٤١٦.
(٥) انظر هامش الخازن ص ٢١٣.