وقد سمّي الطسج السادس (بطسج النهرين) ؛ لوقوعه بين (خندق شابور ونهر العلقمي). ولمّا فتح المسلمون العراق في عهد عمر بن الخطاب (رض) سنة ١٤ هـ بقيادة سعد بن أبي وقّاص الذي أمر ابن عرفطة بفتح طسج النهرين ففتحه ، اتّخذ كربلاء بادئ ذي بدء مأوى لجيوش المسلمين ومركزاً لقيادتهم ، ثمّ بعد ذلك رحلوا عنها إلى الكوفة ؛ لوخامتها ورداءة مناخها وقتئذ ، فاستبدل الإسلام اسم الإستانة إلى (كور) ، وعرف هذا الطسج السادس (بكور بابل). وقد أخطأ بعض المؤرّخين بتسميتها (بكور بابل) ، والصحيح كما مرّ اسمها (كربلاء) ، وقسّم الإسلام أيضاً طسج النهرين إلى عدّة قرى ، فسمّيت كلّ قرية باسمها الخاصّ منها نينوى.
(نينوى) : تقع شرقي كربلاء اليوم ، وهي الآن سلسلة تلول أثرية ممتدّة من جنوب سدّة الهندية حتّى مصبّ نهر العلقمي في الأهوار ، وتعرف (بتلول نينوى) ، ويتفرّع منها نهر العلقمي هذا من نهر الفرات الذي كان يجري من أعالي الأنبار إلى بابل في نقطة تقع شمال نينوى ، والعقر وعين التمر يقعان غربي كربلاء. قال شيخنا المظفّري (١) في تحقيقاته عن بلاد كربلاء : الاسم الحائز على الشهرة العظيمة التي طويت الأجيال ، ولفت العصور لقداستها بما حوته من جثمان سيّد شباب أهل الجنة ، سبط رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وريحانته الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام). هي بالأصل اسم لموضع خاصّ من مواضع هذه الأرض الواسعة الفسيحة غلب على الصقع بأسره ، وهو من دونها موضع قاحل ، أرضه جرداء لا نبات بها سوى الحلفاء وبعض الأدغال ، وليس فيها ماء في ذلك الوقت ولا سكّان ، وبهذا الموضع نزل الحسين (عليه السّلام) أوّلاً ، ثمّ تركه ونزل المخيّم المعروف الآن (بالخيمكاه) بلسان الفرس ، فإنّهم أنزلوه به كرها ؛ امتثالاً
__________________
قَد زادَ في كَمَدي وَأَضرَمَ لَوعَتي |
|
مَـثوى حَبيبٍ يَومَ بانَ وَدِعبِلِ |
أَخَـوَيَّ لا تَـزَلِ السَماءُ مُخيلَةً |
|
تَـغشاكُما بِـسَماءِ مُزنٍ مُسبِل |
جَـدَثٌ عَلى الأَهوازِ يَبعُدُ دونَهُ |
|
مَـسرى النَعِيِّ وَرَمَّةٌ بِالمَوصِلِ |
(١) انظر المظفّري ـ بطل العلقمي ـ ٣ / ٣٢٤.