رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عكاشة بن محصن حتّى وصل غمرة ، وهي باقية بهذا الاسم إلى هذا العهد (١). قلت : ولمّا رحل الحسين (عليه السّلام) من غمرة قصد مسلحاً.
(مسلح) : بضم الميم وسكون السين واللام. قال ابن إسحاق في غزوة بدر : فلمّا استقبل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الصفراء ، وهي قرية بين جبلين ، فسأل (صلّى الله عليه وآله) عن جبليهما ما اسماهما ، فقالوا : هذا مسلح ، وهذا مخرئ ، فكره (صلّى الله عليه وآله) المرور بينهما ، فسار ذات اليمين. قال المقدسي (٢) : من غمرة إلى مسلح ثمانية عشرة ميلاً (٣). ومثله ذكر الحسن الهمداني (٤) قال : ومن غمرة إلى مسلح سبعة عشر ميلاً ، وعرض مسلح اثنان وعشرون جزءاً. وفي المخطوط : عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال : كان (المسلح) أوّله لبني سليم ، وكان الحاج ينزلون (البعث) ويسلكون أسفل المسلح ، بينه وبين الجهة المشرقية. وكان أوّل مَنْ نزل هذا الحائط عيسى بن علي العباسي ، فحفر به بركة يُقال لها : بركة عيسى ، وبنى هناك قصراً ، ثمّ ورد عليه أبو جعفر المنصور فطلب منه البركة أن يهبها له ، فقال : إنّها صدقة على ابن السبيل ، وهي بأسفل المسلح. فلمّا أبى أن يهبها له استشار على بلد يحفر فيه بركة ، فأشاروا عليه ببطن الوادي ، فحفر بركة تُعرف ببركة (أمير المؤمنين) ، وقلب الطريق من البعث إلى المسلح ، فحوّل به القرية وعمرت. فغالبة القريش لواد طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر ، ولبني سليم وغيرهم. وقيل : إنّ المهدي طلب من عيسى ذلك. وبالمسلح قصر ومسجد ، وبه بركة مربعة لها مصفاة وسط الطريق ، وتُعرف بمسرور الخادم حيال القصر ، وبئر من آبار السلطان حلوة الماء ، ومن قلب الأعراب عشرون قليباً ، وبئر حفرت في خلافة المتوكّل العباسي تُعرف ببئر المعلّى إلى جانب البركة التي لمسرور ، وبين
__________________
(١) انظر ابن بليهد ـ صحيح الأخبار ـ ج ١ ص ١١٦.
(٢) انظر محمد بن أحمد المقدسي أحسن التقاسيم.
(٣) وفي المخطوط من مسلح إلى غمرة سبعة عشر ميلاً.
(٤) انظر الحسن بن أحمد الهمداني. صفة جزيرة العرب ج ١ ص ١٨٥ ، طبع ليدن.