أمراً وسيكون خيراً ؛ رأيت بني عبد المطلب كأنّ قدودهم الرماح الردينية (١) ، وكأنّ وجوههم بدور الدجنة ، وكأنّ عمائمهم فوق الرجال ألوية ، وكأنّ منطقهم مطر الوبل على المحلّ. وإنّ الله إذا أراد ثمراً غرس له غرساً ، وإنّ اُولئك غرس الله فترقبوا ثمرته ، وتوكّفوا غيثه (٢) ، وتفيَّؤوا ظلاله ، واستبشروا بنعمة الله عليكم. ويُقال له اليوم : مهد الذهب قريب من سايه الذي لبني سليم أيضاً. قال في المخطوط : وفي معدن بني سليم قصر ومسجد ، وبه بركة مدوّرة زبيدية ، وبه آبار كثيرة قديمة وحديثة لها أسماء ، وعلى ميلين ونصف من المعدن المنزل الخرب الذي يُقال له : (ريان) كان الرشيد ينزله ، وبه قصور له وللقواد والموالي ، وحوانيت خربة وآبار وبركة مربعة ، وعلى ميل من الريان بركة ومصفاة ، ومن ريان إلى السلق سبعة أميال. والسلق : أرض مستوية ، ويُقال لها : الأسلاق ، وبها صخرة كبيرة كان عليها البريد الأول يُقال لها : صخرة ريان. وجبل من جانب الغرب ناحية يمنة الطريق مستطيل معه ، ومنه إلى جبل معترض الطريق يُقال له : (السويقة) (٣) أقل من خمسة أميال ، فيه أقلبة ، ويهبط في قاع سويقة. والعقبة التي تسمّى (عقبة كراع) على أحد عشر ميلاً من أفيعية ، وبين العقبتين بركتان إحداهما إلى جانب الاُخرى ، وهما المتعشى. وبه قصران كبير وصغير ، وبئر وأبيات وحوانيت ، ودون البركتين بميل خشونة وصعوبة وهبوط ، وفي آخر المنزل مثل ذلك. زعم علي بن محمد أنّ المعدن كان به ذهب كثير يستخرج في قديم الدهر ، ويحفر عليه في جبل يمنة الطريق للمصعد ، فعظمت فيه المؤنة. قال علي بن محمد : وتراب البلد مخلوط بالذهب ، والذي حملهم على
__________________
(١) الرماح الردينية : نسبة إلى ردينة ، وهي امرأة من العرب كانت تقوّم الرماح.
(٢) توكّفوا غيثه : أي ارتقبوه وانتظروه.
(٣) ولعلها تسمّى السوارقية اليوم. قال ابن بليهد : قرية معروفة إلى هذا العهد ، وموقعها في بلاد عبد الله بن غطفان ، ورأيت لها ذكر في الجاهلية أنّها لبني سليم.