عليّ حضرة السلطان الأعظم حيث أعدني ومكنني من أداء هذه الخدمة المهمة.
أنا منذ زمن قديم خبير نوعا عارف بهذه الديار لأني كنت مأمورا على البصرة قبل خمس سنوات ونصف وعلى الموصل قبل سنة ونصف السنة وحينما جئت البصرة كان إذ ذاك الانقلاب العثماني جديدا عهد انفلاق ولذلك كان يوقد أنواع المشاعل والمصابيح في آفاقنا الملية وعندما أمّرت على الموصل أتيتها وأعصابي ترتعش وترتجف بالمصائب البلقانية ولما أخذت زمام الإدارة في ولايات العراق وأنا بين حسّين متضادين أي تضاد متجليين متعاندين أي عناد على أني لم أنخدع وأغتر في الأولى للآمال والخيال ولم أكن في الثانية مقهورا لليأس والملال.
فالعدو الذي مدّ يد اعتدائه في هذا اليوم إلى بصرتنا التي أهداها وضمّها حضرة عمر الفاروق رضي الله عنه إلى الإقليم الإسلامي هو في ذلك الوقت كان يجد ويجتهد على الدوام بسعي خائف بحيث لا يكل ولا يمل وكنت أرى إذ ذاك أن غيوم الهواجس لم تزل تزداد كثافة دقيقة منذ عصر ونصف في تلك الآفاق ولا بد وأنها ستحدث في النهاية أعاصير وزوابع.
فها إن هاتيك الأعاصير والزوابع حدثت وثارت غير أن الصفحات الزائلة من هذه الحال لا يسعها أن تطرق باب اطمئناننا الأزلي بنوع من التزلزل ففي النتيجة سيرى العالم طرا آمال أي الطرفين ستخيب.
فمن الواجب اللازم علينا أن لا نتشكى من الوقائع التي تسوقنا إلى مدافعة ديننا ووطننا بانتباه حقيقي بك نكون ممنونين بذلك فلو لم تحدث هذه الوقائع الأخيرة لأضعنا وقتنا وقوتنا وتركنا حياتنا فيما بين الاختلافات المذهبية والغائلات وها نحن اليوم قد تنبهنا من رقدتنا واستيقظنا من سباتنا واجتمعنا مطمئني البال منشرحي الصدر مثل اجتماع