فيه كانوا يجهدون بأن يجعلوا تلك الأرض أيضا مخدعا للخيانة بيد أنهم غير مرتبطين بحسّ وطن من الأوطان ولا متحمسين بشعار قوم من الأقوام ومع ذلك فإنه قد خاب ظنهم وظل سعيهم حيث إنهم ما وجدوا فسحة ولا انتهزوا فرصة لإفسادهم وإضلالهم في وجدان تلك الولاية المعصومة. لقد كانت دولتنا أعلنت التهيؤ لأسباب حقة جدا ومشروعة ، وبعد ذلك بقليل أعلنت الحرب وها أن قلبي حتى الآن ممتلىء شكرا ويرتجف من صوت التلبية الصاعد من أعماق قلوب الموصليين إجابة للدعوة التي وقعت من قبل سلطاننا الأعظم للحضور.
فيا أبناء العراق النجباء :
لا يجهل أحد من العالم معرفة خلفائكم وسلاطينكم وملوككم القدم الذين كانت الملوك والحكام تمشي في مواكب احتشامهم وكل يعظم أولئك الرجال العظام ويبجلهم إذ كانوا يلقون بأشعة دينهم ويوجهون بمصابيح علومهم إلى جميع الجهات من الدنيا قريبها ، وبعيدها فلنكن الآن جاعلين ذلك محتضنا في حجر توقير التاريخ ولنفكر فيما يتعاطونه اليوم من أبنائكم وإخوانكم ومصارعاتهم الموت في الحدود والثغور وقفقاسية وبمقربة ترعة السويس وأطراف البصرة ولنفخر بذلك وحده.
ومن العادات القديمة للولاة أنهم يأتون ببعض الخطب بعد تلاوة أمر نصبهم يذكرون فيه خطتهم التي يرمون انتهاجها ولكني لا يسعني إلا أن أتجرأ على تعيين ما سأسلك به في معرض الحادثات من هذا المحشر الحاضر إذ نحن الآن مصارعون ومجادلون مع عدوّنا الألد لديننا وعرقنا نريد أن نحفظ بذلك موجودية ديننا ونصون ملتنا عن التعرض منه فإذا انتصرنا في النتيجة (وذلك حاصل إن شاء الله ولا بد منه) فكل من يوجد في مقام الولاية حينئذ سيسعى في ما يحتاج هذا القطر الفياض والإقليم