هنري. وإن الواقعة حدثت في مقاطعة أم الشعير في شمالي الحي والتابعة له. وهذه في تصرف الشيخ عبد الله آل محمد الياسين رئيس عشائر ميّاح .. وفي كتاب (نجد قطعه سنك أحوال عموميه سى) تفصيل. جاء فيه :
هذه الحادثة كانت مهمة ، قضت فيها الدولة على الإدارة العشائرية وإمارتها بعد أن رأت مجادلات ، وحاولت محاولات عديدة ، فصار اللواء تابعا للبصرة. قام آل السعدون بثورة على الحكومة ، وكانت قوة العشائر تتجاوز العشرة آلاف والجيش كان لا يتجاوز الألفين.
وفي هذه الحرب تقدمت العشائر بابل سارت أمامها نحو ألفين أو ثلاثة آلاف بعير. سدّوا آذانها بالزفت ، ووضعوا عليها أكياس الرمل ، وركب عليها بعض المتطوّعين ، جعلوه في الأمام وآخر خلفها .. وصار يسوقها بعصي من حديد ، وبشدة عظيمة ، وهاجموا بها الجيش ، والأول صار يذري الرمال من الأحمال التي على بعيره ليشوّش الهدف بغبار كثيف ، فصار لا يشاهد ما وراء الغبار (١) ..
والباقون من المحاربين جاؤوا من وراء الإبل وهاجموا. وكان رئيس الفيلق السادس الفريق عزّت باشا في موقف خطر من هذه الحالة. كان حاضرا بنفسه ، يشجع العسكر ، ويحضه على الثبات ، وكات شجاعة الضباط فائقة ، والمدافع متهيئة ترمي بانتظام وسرعة.
بذل الرئيس الجهود الكبيرة ليحصل على النجاح ، وذلك لأن منصور باشا السعدون أعلن نفسه (سلطان البر) ، وأعلن استقلاله في لواء المنتفق وصار يتعرض بالعمارة والبصرة ، وأما أخوه ناصر باشا فإنه كان في استنبول يغفل هيئة الوكلاء ، فصارت الدولة لا تلتفت إلى ما يقوله عزت باشا ، بل تقابل ذلك بتوبيخ.
__________________
(١) وقال الشاوي في تاريخه : سدوا آذانها بالقطن لئلا تخشى أصوات المدافع فتهرب.