دوراته (١).
وقد نهج الخليل في جميع مواد معجمه منهجا خاصا ، فما كان يقتصر على شرح ما تفرع عن المادة على طريق الاشتقاق العام ، بل كان يذكر كذلك في كل أصل ما تفرع عنه على طريق الاشتقاق الكبير ؛ فيتكلم مثلا عن «ضام وضمى وضم وأمضى» في موضع واحد.
وهذا يؤيد أن الخليل قد فطن من قبل أبي علي الفارسي وتلميذه ابن جني إلى موضوع الاشتقاق الكبير ، وهو دلالة الأصوات في لفظ ما على أصل معنوي عام كيفما اختلف ترتيبها.
ولم يظهر هذا الكتاب إلا حوالي سنة ٢٥٠ ه ؛ أي بعد وفاة مؤلفه بأكثر من نصف قرن. ويظهر أن المنون قد عاجله قبل إتمامه ، فأكمله جماعة بعد وفاته (٢).
٢ ـ كتاب «الجمهرة» (جمهرة الكلام) لابن دريد (المتوفى سنة ٣٢١ ه).
وقد جمع مواده من كتاب «العين» ومن رسائل أخرى للأصمعي وأبي عبيدة وغيرهما. وبدأ بالثنائي من الألفاظ ، ثم الثلاثي ، وهكذا إلى الخماسي والسداسي وملحقاتهما. وجمع النوادر في باب مفرد. واصطنع طريقة الخليل ، فذكر في كل أصل ثلاثي ما تفرع عنه على طريق الاشتقاق الكبير.
٣ ـ كتاب «البارع» للقالي البغدادي (المتوفى سنة ٣٥٦ ه).
وقد سار فيه على طريقة الخليل في كتابه «العين» ، وزاد مواد كثيرة على ما جاء في هذا الكتاب.
٤ ـ «التهذيب» (٣) ـ تهذيب اللغة ـ لأبي منصور الأزهري (المتوفى سنة ٣٧٠ ه).
ويقع هذا المعجم في عشرة مجلدات. وقد نهج في ترتيب مواده وجمع فروع كل مادة منهج الخليل في كتاب «العين».
٥ ـ «استدراك الغلط الواقع في كتاب العين» لأبي بكر الزبيدي ، من علماء الأندلس ،
__________________
(١) انظر «مقدمة ابن خلدون» (١٢٦٨ ـ ١٢٧٠) تحقيق الدكتور علي عبد الواحد وافي.
(٢) شك العلماء في نسبة «العين» للفراهيدي كالأخفش والنضر وابن شميل والسدوسي والأزهري وابن دريد ، واتفقوا بأن صاحب الفكرة هو الخليل وهو صاحب المنهج وأسلوبه.
(٣) هو الكتاب الذي بين أيدينا وسيأتي الكلام عليه مفصلا ، وقد عنى المرحوم الأستاذ عبد السلام هارون بعمل فهارس لكتاب «التهذيب» وحقق كذلك الجزءين الأول والتاسع منه.