أعداد المياه ، والمنْتجَع : المَذْهَب في طلب الكلأ ، وكل مُنْتَجع مَبْدًى ، وجمع المَبْدَى مَبادٍ ، وهو البدو أيضاً ، فالبادية : الذين يتباعدون عن أعْداد المياه ذاهبين في النُّجَع إلى مساقط الغيث ومنابت الكلأ ، والحاضرة : الذين يرجعون إلى المحاضر في القيظ وينزلون على الماء العِدِّ ، ولا يُفارقونها إلى أنْ يقع ربيع الأرض يمْلأ الغُدرانَ فينتجعونه.
وقوم ناجِعَة ونَواجِعُ ، وباديةٌ وبَوادٍ بمعنى واحد. وكل مَنْ نَزَل على ماء عِدٍّ ، ولم يتحول عنه شتاء ولا صيفا فهو حاضِر ، سواء نزلوا في القُرَى والأَرْياف والدُّورِ المَدَرِيَّة أو بنوا الأَخْبِيَة على المياه فقَرُّوا بها ورَعَوْا ما حواليْها من الكلأ ، فأمَّا الأعرابُ الذين هم بادِيَة فإنما يحْضرون الماءَ العِدَّ شُهُورَ القيْظ لحاجة النَّعَم إلى الوِرْدِ غِبّاً وَرَفْهاً وربعا في هذا الفصل ، فإذا انقضت أيام القيظ بدوا فتَوزَّعَتْهُم النُّجَع وافْتَلوا الفَلَوات المُكلِئَة ، فإن وقع لهم رَبيع بالأرض شربوا منه في مُبْداهم الذي انْتَوَوْه ، وإن استأخر القَطْرُ ارْتَوَوْا على ظهور الإبل لشفاههم وخيلهم من ماء عِدٍّ يليهم ، ورفعوا أَظْماءَهم إلى السِّبع والثِّمْن والعِشْر ، فإن كَثُرت الأمطارُ والتف العُشْب وأَخْصَبت الرياضُ وأَمْرَعَتِ البلاد جزأ النَّعَم بالرُّطْبِ ، واستغنى عن الماء ، وإذا عَطِش المالُ في هذه الحال وردت الغُدْرانَ والتَّنَاهِي فشربت كَرْعا ، وربما سَقَوْها من الدُّحْلان.
وقال الليث : الحُضور جمع الحاضر ، قلت : والعرب تقول : حَيٌ حاضر بغير هاء إذا كانوا نازلين على ماء عدٍّ ، يقال : حَاضِرُ بني فلان على ماء كذا وكذا ، ويقال للمقيم على الماء حاضر وجمعه حُضُور وهو ضد المسافر ، وكذلك يقال للمقيم شاهد وخافض.
وقال الليث : الحَضْرة : قُرْبُ الشيء ، تقول : كنت بِحَضْرَة الدار ، وأنشد :
فَشَلَّتْ يَدَاه يوم يَحْمِلُ رأْسه |
إلى نَهشلٍ والقَوْم حَضْرَةَ نَهْشَلِ |
ويقال : ضربت فلاناً بحَضرة فلان بِمَحْضَره.
وقال الليث : الحاضِرُ القوم الذين حضروا الدَّار التي بها مُجْتَمعُهم ، وقال الشاعر :
في حاضِرٍ لَجِبٍ باللَّيْلِ سَامِرُه |
فيه الصواهَلُ والرَّاياتُ والعَكَر |
قال : فصار الحاضِرُ اسْماً جامعاً كالحاجِّ والسّامر والجَامل ونحو ذلك.
قال : والحُضْر والحِضارُ : من عَدْوِ الدوابِّ والفعل الإحْضار ، وفرس مِحْضير ومِحْضار بغير هاء للأنثى إذا كان شديد الحُضر ، وهو العَدْو ، ويقال عنه أحضر الدَّابّةُ يُحضر إحضارا ، والاسم الحُضْر وهو العَدْو.
وقال الليث : الحَضِير : ما اجتمع من جايِئَة المِدَّة في الْجُرْح ، وما اجتمع من السّخْدِ في السَّلَى ونحوه.
وقال الأصمعي : أَلْقَتِ الشَّاةُ حَضِيرتَها وهو ما ألْقَت بعد الولادة من القَذَى.
وقال أبو عُبَيدة : الحَضِيرة : الصَّاءة تتبع