قال أبو عُبَيد : وقال أكثم بن صَيْفي : المِكْثَارُ كحاطب ليل.
قال أبو عُبَيد : وإنما شبهه بحاطب الليل : لأنه ربما نهشته الحية ، كذلك المِكثارُ ربما أصابه في إكثاره بعضُ ما يكره].
قال الليث : الحَطَب : معروف ، والفعل منه حَطَب يَحْطِب حَطْباً وحَطَباً. المُخفَّفُ مصدر ، وإذا ثُقِّلَ فهو اسم.
واحْتَطَب احْتِطَاباً ، وحَطَبْتُ فُلَاناً إذا احْتَطَبْتَ لَهُ.
وقال ذو الرُّمَّة :
وهَلْ أَحْطِبَنَ القَوْمَ وهي عَرِيَّةٌ |
أُصُولَ أَلاءٍ في ثَرًى عَمِدٍ جَعْدِ |
ويقال للمُخَلِّط في كلامه أو أَمْرِه حاطِب ليل ، معناه أنه لا يَتَفَقَّد كلامَه كالحاطب بالليل الذي يحطِبُ كُلَّ رَديء وجَيّد لأنه لا يُبْصِر ما يَجْمَع في حَبْله.
وقال غَيْرُه : شُبِّه الجانِي على نفسه بلسانه بحاطب الليل لأنه إذا حطب لَيْلاً ربما وقَعتْ يَدُه على أَفْعَى فَنَهَشَتْه ، وكذلك الذي لا يَزُمُّ لِسانَه ويَهْجُو الناسَ ويذُمُّهم رُبَّما كان ذلك سَبَباً لِحَتْفه.
وقال الليث : يقال : حَطَبَ فُلَانٌ بفُلَان إذا سَعَى به.
وأما قول الله تعالى : (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) [المَسَد : ٤] فإنه جاء في التفسير أنها أُمّ جَمِيل امرأةُ أبي لَهَب ، وكانتْ تمْشي بالنَّمِيمَةِ ، ومن ذلك قَوْل الشَّاعِر :
من البِيضِ لم تُصْطَدْ على ظَهْرِ لأْمَةٍ |
ولَمْ تَمْشِ بَيْنَ الحَيٍ بالحَطَبِ الرَّطْبِ |
أي بالنميمة ، وقيل إنها كانت تحمل شَوْك العِضاه فتطرحه في طريق رسول الله صلىاللهعليهوسلم وطريق أصحابه.
وقال ابن شُمَيْل : العِنَبُ كل عام يُقْطَع من أعاليه شَيْءٌ ويُسَمَّى ما يُقْطَع منه الحِطَابُ ، يقال : قد اسْتَحْطَبَ عِنَبُكم فاحْطِبُوه حَطْباً أي اقْطَعوا حَطَبَه.
ويقال للذي يَحْتَطِب الحَطَبَ فيبِيعُه حَطَّاب ، ويقال : جاءَتِ الحَطَّابة.
وقال أبو تراب : سَمِعتُ بعضَهم يقول : احْتَطَبَ عليه في الأمر واحْتَقَبَ بمعنى واحد.
حبط : قال الليث : الحَبَطُ : وَجَعٌ يأخذ البَعِيرَ في بَطْنِه من كلأ يَسْتَوْبِلُه ، يقال : حَبِطَت الإبلُ تَحْبَط حَبَطاً ، قال : وإذا عَمِل الرجلُ عملاً ثم أفسده قيل : حَبِطَ عَمَلُه ، وأَحْبَطه صاحِبُه ، وأَحْبطَ الله أعْمَالَ مَنْ يُشْرِك به.
وقال ابن السكيت : يقال : حَبَطَ عَمَلُه يَحْبُط حَبْطاً وحُبُوطاً بسكون الباء ، وحَبِطَ بطنُه إذا انْتَفَخَ يَحْبَطُ حَبَطاً فهو حَبِطٌ ، ورأيت بخط الأقْرَع في كتاب ابن هانىء : حَبَطَ عَمَلُه يَحْبُط حُبُوطاً وحَبْطاً وهو أصَحّ.
وأمَّا قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «وإنَّ مِمَّا يُنبِتُ الربيع ما يقتل حَبَطاً أو يُلِمّ» فإن أَبَا عُبَيد فَسَّرَ الحَبَط ، وترك من تفسير هذا الحديث أشياء لا يستغني أهل العلم عن معرفتها ، فذكرتُ الحديثَ على وجهه لأفَسِّر منه كلَّ ما يُحتَاج إليه من تفسيره.
حَدّثنا عبد الله بن محمد بن هاجَك قال :