تَرَوْا إلى مَيِّتِكم حين يَحْدِج ببصره فإنما يَنظُر إلى المِعْراج من حُسْنه». وقال أبو النجم :
تُقَتِّلُنا منها عُيونٌ كأَنها |
عُيون المهَا ما طَرْفُهن بحادِجِ |
يريد أنها ساجِيَةُ الطَّرْف. قال : والذي يُرادُ من الحديث أنَّه يقول : حدِّثهم ما داموا يَشتهُون حديثك ويَرمُونك بأَبصَارِهم. فإذا رَأيتَهُم مَلُّوا فَدَعهُم. قلت : وهذا يَدلُّ على أنَّ الحديث يكونُ في النَّظَر بلا رَوْعٍ ولا فَزَع.
ابن السكيت : حَدَجَه بسَهْم إذا رماه به. يقال : حَدَجَه بذَنْب غَيْره حَمَلَه عَلَيْه وَرَمَاه به ، قال : وَحَدج البعيرَ حَدْجاً إذا شَدَّ عليه أَداته. وحَدَجَه ببصره إذا رماه به حَدْجاً وقال ابن الفَرَج : حَدَجَه بالْعَصا حَدْجاً وحَبَجَه بها حَبْجاً إذا ضَرَبُه بها.
وقال الليث : الْحِدْجُ : مركب ليس بِرَحْلٍ ولا هَوْدَج يركبه نساءُ الأعراب ، قال : وحَدَجْتُ النَّاقَةَ أَحْدِجُها حَدْجاً ، والجمع حُدُوجٌ وأَحْدَاجٌ.
وقال شمر : سمعت أعرابياً يقول : أُنظر إلى هذا البعير الغُرْنُوقِ الذي عليهِ الحِدَاجَةُ ، قال : ولا يُحْدَجُ البعير حتى يكمُل فيه الأداةُ وهي البِدادان والبِطانُ والحَقَبُ.
قلت : وسمعتُ العربَ تقولُ : حَدَجْتُ البعيرَ. إذا شددتَ عليه حِدَاجَتَه ، وجمع الحِدَاجَةِ حَدائجُ ، والعربُ تسمِّي مخالي القَتَب أَبِدَّةٌ واحِدُها بِدَادٌ ، فإذا ضُمَّتْ وأُسِرَتْ وشُدَّتْ إلى أَقْتَابها مَحْشُوَّةً فهي حينئذٍ حِدَاجَة ويُسَمَّى الهَوْدَجُ المشدود فوق القَتَب حتى يُشَدُّ عَلَى البعير شَدّاً واحداً بجميع أَداته حِدْجاً وجمعه حُدوج. ويقال : أَحْدِج بعيرَك ، أي شُدَّ عليه قَتَبَهُ بأَداته.
وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم لابن السكيت قال : الحُدوجُ والأَحْداجُ والحَدَائجُ : مراكب النساء ، واحدها حِدْجٌ وحِداجةٌ. قلت والصواب : ما فسَّرْتُه لك ولم يُفَرِّق ابنُ السكيت : بين الحِدْج والحِداجَة وبينهما فرق عند العرب كما بينته لك.
وقال ابن السكيت : سمعت أبا صاعد الكلابي يقول : قال رجل من العرب لصاحبِه في أَتانٍ شَرُودٍ : إلْزَمْها رماها الله براكب قليل الْحِداجَة بعيد الحاجة ، أراد بالحِداجة أداة القَتَب.
ورُوي عن عمر أنهُ قال : «حَجَّةً هاهنا ثم احْدِجْ هاهنا حتى تفْنَى». قال أبو عُبَيد : أحْدج ههنا يعني إلى الغزو. قال والحَدْجُ شَدُّ الأحْمَالِ وتوسيقها يقال : حَدَجْتُ الأحمال أَحْدِجُها حَدْجاً والواحد منها حِدْج وجمعها حُدُوجٌ وأَحْدَاجٌ وأنشد قول الأعشى :
أَلَا قُلْ لِمَيْثَاء ما بالها |
أَلِلْبَيْنِ تُحْدَجُ أَحمَالُهَا |
قال : ويُرْوى تُحْدَجُ أجمالُها أي يُشَدُّ عليها قلت : معنى قول عمر : ثم أحْدِج ههنا أي شُدَّ الحِدَاجَةَ وهو القَتَب بأداته على البعير للغزو. والرواية الصحيحة