الرابعة : أشار الزركشي ( ت : ٧٩٤ هـ ) أنه قد كثر في القرآن الكريم ختم كلمة المقطع من الفاصلة بحروف المد واللين وإلحاق النون ، وحكمته وجود التمكن من التطريب (١).
وحكى سيبويه ( ت : ١٨٠ هـ ) عن العرب أنهم إذا ما ترنموا فإنهم يلحقون الألف والواو والياء ، ما ينون ، وما لا ينون ، لأنهم أرادوا مدّ الصوت (٢).
وورود النون بعد حروف المدّ متواكبة في القرآن حتى عاد ذلك سراً صوتياً متجلياً في جزء كبير من فواصل آيات سوره ، ونشير على سبيل النموذج الصوتي لكل حرف من حروف المدّ تليه النون بمثال واحد.
١ ـ وردت الألف مقترنة بالنون في منحنى كبير من فواصل سورة الرحمان على نحوين :
الأول : وردهما متقاطرين ، وهما ـ أي الألف والنون ـ من أصل الكلمات كما في قوله تعالى :
( الرحمن * علم القرءان * خلق الانسان * علّمه البيان * الشمس والقمر بحسبان ) (٣).
الثاني : وردهما متقاطرين ، وهما ـ أي الألف والنون ـ ملحقان بالكلمة علامة للرفع ودلالة على التثنية كما في قوله تعالى : ( مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان * فبأي ءالاء ربكما تكذبان ) (٤).
ويتحقق في النحوين مدّ الصوت تحقيقاً للترنم.
٢ ـ وردت الياء مقترنة بالنون في أبعاد كثيرة من فواصل الآيات القرآنية ، ففيما اقتص الله من خبر نوح عليهالسلام قال تعالى : ( فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد الله الذي نجانا من القوم الظالمين * وقل رب أنزلني منزلا
____________
(١) ظ : الزركشي ، البرهان : ١|٦٨. (٢) سيبويه ، الكتاب : ٢|٢٩٨. |
(٣) الرحمن : ١ ـ ٥. (٤) الرحمن : ١٩ ـ ٢١. |