ووقع المصاب ، وفرط الأذى ، واللفظ فيها رفيق رقيق ، ولكن المعنى شديد غليظ.
وللدلالة على هذا الملحظ ، فقد وردت المادة في صوتها الحالم هذا مقترنة بالمس الرفيق لاستخلاص الأمرين في حالتي ، السراء والضراء ، الشر والخير ، كما في كل من قوله تعالى :
أ ـ ( وقالوا قد مس ءابآنا الضرآء والسرآء ) (١).
ب ـ ( إن الإنسان خلق هلوعاً * إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعاً ) (٢).
فالضراء تمسهم إذن ، والسراء تمسهم كذلك ، والشر يمسهم والخير كذلك ، ولم يشأ القرآن العظيم تغيير المادة بل اللفظ عينه في الحالتين ، وذلك للتعبير عن شدة الملابسة والملامسة والالتصاق.
وكما ورد اللفظ في مقام الضر منفرداً في أغلب الصيغ ، وورود مثله جامعاً لمدركي الخير والشر ، فقد ورد للمس الجميل خاصة في قوله تعالى : ( إن تمسسكم حسنة تسؤهم ) (٣).
وقد ينتقل هذا اللفظ بدلائله إلى معان آخر ، لا علاقة لها بهذا الحديث دلالياً ، وإن تعلقت به صوتياً ، كما في إشارة القرآن إلى المس بمعنيين مختلفين أخريين.
الأول : كنى فيه بالمس عن النكاح في كل من قوله تعالا :
أ ـ ( قالت أنا يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ) (٤).
ب ـ ( لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن ) (٥).
الثاني : وقد عبر فيه بالمس عن الجنون كما في قوله تعالا :
____________
(١) الأعراف : ٩٥. (٢) المعارج : ١٩ ـ ٢١. (٣) آل عمران : ١٢٠. |
(٤) مريم : ٢٠. (٥) البقرة : ٢٣٦. |