الإنسان اعرض ونئا بجانبه وإذا مسّه الشّرّ ) (١). فالظاء في ( غليظ ) والضاد في ( أعرض ) وفي ( عريض ) مما تواضع الأوئل على قراءته بكل دقة وتمحيص ، وميزوا بذائقتهم الفطرية فيما بين الصوتين.
والحاء بالعربية تنطق « هاء » في بعض اللغات السامية ، وكذلك صوتها في اللغات الأوروبية ، فهما من مخرج واحد « ولولا هتة في الهاء لأشبهت الحاء لقرب مخرج الهاء من الحاء » (٢).
ولعمق التوجه الصوتي في القرآن لدى التمييز بين المقاربات نجده يضعهما في سياق واحد في كثير من الآيات ، من أجل السليقة العربية الخالصة ، قال تعالى :
( فسيحوا في الأرض اربعة أشهر واعلموا انكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكفرين * وأذن من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر ... ) (٣).
فالحاء من « فسيحوا » والهاء من «أشهر » في الآية الأولى إلى جنب الهاء من « الله ورسوله » والحاء من «الحج » في الآية الثانية ، جاءت جميعها بسياق قرآني متناسق في هدف مشترك للتمييز بين الصوتين حيناً ، وللحفاظ على خصائص العربية حيناً آخر ، ولبيان اختلاطهما عند غير العربي المحض ، فلا يستطيع أداء « الحاء » تأديته « الهاء » إذ قد يلتبسان عليه ، وهو جانب فني حرص القرآن على كشفه بعيداً عن الغرض الديني إلا في وجوب أداء القرآن قراءة كما نزل عربياً مبيناً.
لهذا نرى أن القرآن هو القاعدة الصلبة للنطق العربي الصحيح لجملة أصوات اللغة ، ولا سيما الضاد والظاء أوالحاء والهاء ، في التمرس عليهما والتفريق الدقيق بينهما.
ولقد كان سليماً جداً ما توصل إليه صديقنا المفضل الدكتور أحمد مطلوب عضو المجمع العلمي العراقي بقوله :
__________________
(١) حم السجدة ( فصلت ) : ٥٠ ـ ٥١.
(٢) الخليل ، كتاب العين : ١|٥٧.
(٣) التوبة : ٢ـ ٣.