محمد المرفوع الرتبة فوق سائر المخلوقات وعلى آله وصحبه المنصوبين لإزالة شبه
______________________________________________________
بمحذوف خبر. واعلم أن «على» للاستعلاء الحقيقي فاستعمالها هنا ـ في تمكن النبي من الصلاة والسّلام وتمكنهما منه ـ مجاز بالاستعارة فشبه مطلق ارتباط صلاة وسلام بمصلى عليه ومسلم بمطلق ارتباط مستعل بمستعلى عليه بجامع التمكن في كل فسرى التشبيه من الكليات للجزئيات واستعير لفظ «على» من جزئي من جزئيات المشبه به لجزئي من جزئيات المشبه. وسيد أصله سيود قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وهو من ساد : أي حصلت له السيادة والعلو في قومه بسبب كرم أو علم أو جاه مثلا وفي كلامه إشارة إلى جواز إطلاق السيد على غير الله وهو كذلك. قال تعالى : (وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) [آل عمران : ٣٩]. وما ورد من قوله عليه الصلاة والسّلام : «إنما السيد الله» فالمراد السيادة المطلقة ، ونا من قوله : «سيدنا» للعقلاء ، فهو سيد غيرهم بالأولى ، والإضافة للعهد الخارجي. قوله : (محمد) بدل من سيد أو عطف بيان عليه ، لأن المعرفة إذا تقدم عليها نعتها أعربت كذلك ، ومحمد علم منقول من اسم مفعول الفعل المضعف ـ أي المكرر العين ـ وهو حمد ـ بوزن فعل بالتشديد ـ سماه به جده عبد المطلب في سابع ولادته لموت أبيه قبلها ، فقيل له : سميته محمدا لا من أسماء آبائك ولا قومك؟ فقال : رجوت أن يحمد في السماء والأرض وقد حقق الله رجاءه وإنما خصه بالذكر دون غيره من أسمائه صلىاللهعليهوسلم لشهرته وذكره في القرآن أكثر من غيره. قوله : (المرفوع) اسم مفعول من رفع بمعنى أعلى وهو نعت لمحمد لا لسيدنا ، لئلا يلزم تقدم البدل على النعت. وقوله الرتبة مضاف إليه ، أي الذي أعلى الله قدره ، وفيه براعة الاستهلال ، وهي أن يذكر المؤلف أول كتابه ما يشعر بالمشروع فيه من نحو أو غيره ، وقوله : «فوق» منصوب على الظرفية المكانية ، وقوله : «سائر» يستعمل بمعنى باق وبمعنى جميع كما هنا ، وقوله : «المخلوقات» جمع مخلوق ، فهو أفضل الخلق على الإطلاق ، قال اللقاني :
وأفضل الخلق على الإطلاق |
|
نبينا فمل عن الشقاق |
أي جنا وإنسا وملكا ، دنيا وأخرى ، وهذا التفضيل بإجماع المسلمين سنيين ومعتزليين إلا الزمخشري ، فإنه خرق الإجماع وقال بتفضيل جبريل على محمد عليه الصلاة والسّلام ، وقد رد ما قاله. قوله : (وعلى آله) المراد بهم هنا أمة الإجابة لأن المقام مقام دعاء ، وقد يفسر بغير ذلك بحسب ما يليق بالمقام الذي يذكر فيه ولا يضاف إلا للعقلاء والأصح إضافته للضمير خلافا لمن منعها وهو عطف على سيدنا ،