هو معنى «الذي جعل» ـ بل هو متعلق باللفظ الشريف ، قلت : أجيب بأن الصفة مع الموصوف كالشيء الواحد. قوله : (جعل) فعل ماض وفاعله مستتر تقديره هو يعود على الله وهو ينصب مفعولين. (لغة العرب) مضاف ومضاف إليه والأول مفعول أول أي ما اتفق عليه جميع العرب من الألفاظ والعرب خلاف العجم سموا عربا لأن البلاد التي سكنوها تسمى العربات. قوله : (أحسن اللغات) مضاف ومضاف إليه والأول مفعول ثان وهو يفيد أن غير لغة العرب فيها حسن وهو كذلك إذ هي لغة لغيره صلىاللهعليهوسلم من الأنبياء والرسل ولغة العرب هي اللغة التي نزل بها القرآن وهو أعظم الكتب المنزلة لجمعه معانيها ، ولغة أفضل الرسل صلىاللهعليهوسلم وأهل الجنة في الجنة ففي خبر «أحب العرب لثلاث : لأني عربي والقرآن عربي ولسان أهل الجنة في الجنة عربي» ذكره شيخ الإسلام في شرح الجزرية واللغات جمع لغة وهي لغة اللهج بالكلام ـ أي الإسراع به ـ واصطلاحا الألفاظ الموضوعة للمعاني. قوله : (والصلاة والسّلام الخ) هذه جملة خبرية لفظا إنشائية معنى والواو للعطف وأتى المصنف بالصلاة لخبر : «من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب ، وجمع بينها وبين السّلام عملا بآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب : ٥٦] فإن الظاهر منها طلب الجمع بينهما ولذلك كره إفراد أحدهما عن الآخر عند المتأخرين وهو عند المتقدمين خلاف الأولى كما صرح به ابن الجوزي. وقولنا : «فإن الظاهر الخ» تبعنا فيه بعضهم وهو متعقب بأن ظاهرها طلب فعلهما ولو متفرقين لأن الواو لا تدل إلا على مطلق الجمع فهي كآية : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) [البقرة : ٤٣]. والصلاة بالنسبة لله الرحمة وبالنسبة للملائكة وغيرهم الدعاء وأما السّلام فمعناه لغة الأمان. والمعنى صلّ يا ألله عليه ـ أي ارحمه ـ وسلم عليه ـ أي أمنه مما يخافه على أمته ـ فإن قيل الرحمة للنبي صلىاللهعليهوسلم حاصلة فطلبها تحصيل حاصل فالجواب أن المقصود بصلاتنا عليه طلب رحمة لم تكن فإنه ما من وقت إلا وهناك رحمة لم تحصل له فلا يزال يترقى في الكمالات إلى ما لا نهاية له فهو ينتفع بصلاتنا عليه على الصحيح ، لكن لا ينبغي أن يقصد المصلي ذلك ، بل يقصد التوسل إلى ربه في نيل مقصوده ولا يليق الدعاء للنبي صلىاللهعليهوسلم بغير الوارد ، كرحمة الله بل المناسب واللائق في حق الأنبياء الدعاء بالصلاة والسّلام وفي حق الصحابة والتابعين والأولياء والمشايخ بالترضي وفي حق غيرهم يكفي أي دعاء كان. قوله : (على سيدنا) متعلق