الشافعي الأزهري. ولد ببلدة كفر الشيخ حجازي بالقرب من المحلة الكبرى ، فقرأ القرآن وحفظ المتون بالمحلة ، ثم حضر إلى مصر وحضر شيوخ الوقت مثل الشيخ أحمد السجاعي والشيخ عمر الطحاوي والشيخ محمد الحفني والشيخ علي الصعيدي. ومهر في الفقه والمعقول ، وتصدر ، ودرس وأفتى واشتهر ذكره ولازم الأستاذ الحفني وتداخل في القضايا والدعاوى وفصل الخصومات بين المتنازعين وأقبل عليه الناس بالهدايا والجعالات ونما أمره وراش جناحه وتجمل بالملابس وركوب البغال وأحدق به الأتباع. واشترى بيت الشيخ عمر الطحلاوي بحارة الشنواني بعد موت ابنه سيدي علي ، فزادت شهرته ووفدت عليه الناس ، وأطعم الطعام واستعمل مكارم الأخلاق.
ثم تزوج ببنت المعلم درع الجزار بالحسينية وسكن بها ، فجيّش عليه أهل الناحية وأولوا النجدة والزعارة والشطارة وصار له بهم نجدة ومنعة على من يخالفه أو يعانده ولو من الحكام. وتردد إلى الأمير محمد بك أبي الذهب قبل استقلاله بالإمارة وأحبه وحضر مجالس دروسه في شهر رمضان بالمشهد الحسيني ، فلما استبدّ بالأمر لم يزل يراعي له حق الصحبة ويقبل شفاعته في المهمات ويدخل عليه من غير استئذان في أي وقت أراد ، فزادت شهرته ونفذت أحكامه وقضاياه. واتخذ سكنا على بركة جناق أيضا.
ولما بنى محمد بك جامعه كان هو المتعين فيه بوظيفة رئاسة التدريس والإفتاء ومشيخة الشافعية وثالث ثلاثة المفتين الذين قررهم الأمير المذكور وقصر عليهم الإفتاء ، وهم الشيخ أحمد الدردير المالكي والشيخ عبد الرحمن العريشي الحنفي والمترجم ، وفرض لهم أمكنة يجلسون فيها أنشأها لهم بظاهر الميضأة بجوار التكية التي جعلها لطلبة الأتراك بالجامع المذكور حصة من النهار في ضحوة كل يوم للإفتاء ، بعد إلقائهم دروس الفقه ، ورتب لهم ما يكفيهم وشرط عليهم عدم قبول الرشا والجعالات ، فاستمروا على ذلك أيام حياة الأمير.
واجتمع المترجم بالشيخ صادومة المشعوذ ، ونوّه بشأنه عند الأمراء والناس وأبرزه لهم في قالب الولاية ويجعل شعوذته وسيمياه من قبيل الخوارق والكرامات ، إلى أن اتضح أمره ليوسف بك فتحامل عليه وعلى قرينة الشيخ المترجم من أجله. ولم يتمكن من إيذائهما في حياة سيده ، فلما مات سيده قبض على الشيخ صادومة وألقاه في بحر النيل ، وعزل المترجم من وظيفة المحمدية