(٣) كان المنصور (١) فى بستان فى أيام محاربته إبراهيم بن عبد الله بن الحسن (٢) ونظر إلى شجرة خلاف (٣) ، فقال للربيع (٤). ما هذه الشجرة؟ فقال. طاعة يا أمير المؤمنين!
(٤) مرّ رجل فى صحن دار الرشيد ومعه حزمة خيزران. فقال الرشيد للفضل بن الربيع (٥) : ما ذاك؟ فقال عروق الرماح يا أمير المؤمنين ، وكره أن يقول. خيزران ؛ لموافقة ذلك لاسم أمّ الرشيد.
(٥) قال أبو نواس (٦) فى الخمر :
ولمّا شربناها ودبّ دبيبها |
|
إلى موطن الأسرار قلت لها قفى |
(٦) وقال المعرى فى السيف :
سليل النّار دق ورقّ حتّى |
|
كأنّ أباه أورثه السّلالا (٧) |
(٧) كبرت سنّ فلان وجاءه النذير.
(٨) سئل أعرابى عن سبب اشتعال شيبه ، فقال. هذا رغوة الشباب.
(٩) وسئل آخر ، فقال : هذا غبار وقائع الدهر.
__________________
(١) هو ثانى خلفاء بنى العباس وبانى مدينة بغداد ، كان عارفا بالفقه والأدب مقدما فى الفلسفة والفلك محبا للعلماء ، بعيدا عن اللهو والعبث كثير الحد والتفكير ، توفى بمكة حاجا سنة ١٥٨ ه.
(٢) إبراهيم بن عبد الله بن الحسن هو حفيد على بن أبى طالب ، وأحد الأمراء الأشراف الشجعان ، خرج على المنصور العباسى فاستولى على البصرة ، ثم كان بينه وبين جيوش المنصور وقائع هائلة ، وقتل سنة ١٤٥ ه.
(٣) شجر الخلاف : صنف من الصفصاف.
(٤) هو الربيع بن يونس ، وكان جليلا نبيلا فصيحا خبيرا بالحساب والأعمال حاذقا بأمور الملك بصيرا بما يأتى ويذر.
(٥) الفضل بن الربيع أديب حازم من كبار خصوم البرامكة ولى الوزارة بعد أن قضى الرشيد عليهم ، ثم توزر للأمين بن الرشيد ، ولما ظفر المأمون واستقام له الملك أبعده وأهمله حتى توفى سنة ٢٠٨ ه.
(٦) هو أبو على الحسن بن هانى الشاعر المشهور ، كان من أجود الناس بديهة وأرقهم حاشية ، قال فيه الجاحظ : لا أعرف بعد بشار مولدا أشعر من أبى نواس ، ولد سنة ١٤١ ه وتوفى سنة ١٩٥ ه.
(٧) السليل : الولد ، والسلال : السل ، وهو داء معروف يضى الأجسام وينحفها ، يقول : إن السيف الذى هو وليد النار قد رق جسمه حتى إنه ليشبه ولدا مسلولا قد ورث السل عن أبيه.