دليل على عدم اكتراثه ، وعلى أنه يعتقد أن بنى عمه عزل لا سلاح معهم ، فلذلك أنزل منزلة المنكرين فأكّد له الخبر وخوطب خطاب المنكر ، فقيل له : «إن بنى عمك فيهم رماح».
انظر إلى المثال الخامس تر أن الله سبحانه يخاطب المنكرين الذين يجحدون وحدانيته ، ولكنه ألقى إليهم الخبر خاليا من التوكيد كما يلقى لغير المنكرين فقال : «وإلهكم إله واحد» فما وجه ذلك؟ الوجه أن بين أيدى هؤلاء من البراهين الساطعة والحجج القاطعة ما لو تأملوه لوجدوا فيه نهاية الإقناع ، ولذلك لم يقم الله لهذا الإنكار وزنا ولم يعتدّ به فى توجيه الخطاب إليهم.
وكذلك الحال فى المثال الأخير ، فإن لدى المخاطب من الدلائل على ضرر الجهل ما لو تأمله لارتدع عن إنكاره ، ولذلك ألقى إليه الخبر خاليا من التوكيد.
القواعد :
(٣٤) إذا ألقى الخبر خاليا من التّوكيد لخالى الذّهن ، ومؤكّدا استحسانا للسائل المتردّد ، ومؤكّدا وجوبا للمنكر ، كان ذلك الخبر جاريا على مقتضى الظّاهر.
(٣٥) وقد يجرى الخبر على خلاف ما يقتضيه الظّاهر لاعتبارات يلحظها المتكلّم ومن ذلك ما يأتى :
(ا) أن ينزّل خالى الذّهن منزلة السائل المتردّد إذا تقدّم فى الكلام ما يشير إلى حكم الخبر.
(ب) أن يجعل غير المنكر كالمنكر لظهور أمارات الإنكار عليه.