(٢) فى خطبة زياد إيجاز قصر ، فقد جمعت فى ألفاظها القليلة جميع ما يكره الناس من أخلاق زياد من غير تصريح ، كما استوعبت جميع خلال الخير التى تنطوى تحت نصائحه الغالية ووصاياه النافعة ، وجمال الإيجاز هنا فى سلاسته وحسن سبكه ودلالته على تمكن صاحبه من البلاغة والبراعة فى التعبير.
الإجابة عن تمرين (٣) صفحة ٢٤٥ من البلاغة الواضحة
وجه جمال الإيجاز فى هذه التوقيعات جميعها أن ألفاظ كل منها على قلتها وقصر أطرافها تنطوى على معان كثيرة متزاحمة ، وكل ذلك فى سلاسة ووضوح وحسن سبك ، مما يدل على تمكن القائل من فنون البلاغة وبصره بوجوه تصريف الكلام ، والإيجاز فى أكثر هذه التوقيعات إيجاز قصر ، وسنشرح لك فيما يأتى كل توقيع لتعرف ما ينطوى تحته من المعانى.
(١) فى التوقيع الأول يخاطب أبو جعفر جماعة الشاكين فيقول لهم : إنكم إن استقمتم وأطعتم وقمتم بواجبكم ، بعثت صفاتكم هذه العطف والحنان فى قلب عاملكم فرأيتم منه أميرا عادلا وأبا شفيقا وصديقا معينا ، وإن ساءت أخلاقكم فخننتم وعصيتم وتواكلتم فى أموركم. أغضب ذلك قلب عاملكم فرأيتم فيه أميرا قاسيا غليظا لا يرحم ولا يعين.
(٢) يقول إن سبب نقصان النيل يرجع إلى ما انتشر فى جنودك من الظلم والعسف والفسق وغير ذلك من أنواع الذنوب والمعاصى ، ولو أنك حملتهم على طاعة الله فامتثلوا أوامره واجتنبوا نواهيه وكفوا عن إيذاء الناس لعمكم النيل بخيراته وبركاته وجرى عليكم بما تحبون وتشتهون ؛ فأنت ترى كيف جمع أبو جعفر أنواع الذنوب والمعاصى تحت كلمة واحدة هى «الفساد» وكيف استقصى وسائل إصلاح النفوس فى كلمة واحدة هى «التطهير» وكيف استوعب الصفات المحبوبة فى النّيل فى قوله «يعطيك القياد».