ورأيت مبرمان (١) أيضا قد تابعه على ذلك ، وإذا استمرّ هذا على أبي إسحاق (٢) مع فحصه واستنباطه ، كان على مبرمان ـ لأنه لعلّه لم يستنبط حرفا ـ أجوز وأحرى.
ولست أرى للقضاء بزيادة هذه الهمزة وجها من طريق القياس ، وذلك أنها ليست بأول ، فيقضى بزيادتها ، ولا تجد فيها معنى غرق ، اللهم إلا أن تقول : إن الغرقئ يشتمل على جميع ما تحته من البيضة ويغترفه.
وهذا عندي فيه بعد ، ولو جاز اعتقاد مثله على ضعفه ، لجاز لك أن تعتقد في همزة كرفئة (٣) أنها زائدة ، وتذهب إلى أنها من معنى كرف الحمار إذا رفع رأسه لشمّ البول ، لأن السحاب أبدا ، كما تراه ، مرتفع ، وهذا مذهب ضعيف ، على أن أبا زيد قد حكى عنهم : غرقات (٤) البيضة. وهذا قاطع.
وقرأت بخط أبي العباس محمد بن يزيد رحمه الله قال : يقال امرأة ضهياء : إذا لم يكن لها ثديان ، مثل الجداء (٥) والضّهواء : للتي لا تحيض ولا ثدي لها.
وقد زيدت الهمزة أيضا في حطائط (٦) ، لأنه الشيء الصغير المحطوط.
أنشد قطرب ففيما رويناه عنه (٧) :
إنّ حرى حطائط بطائط |
|
كأثر الظّبي بجنب الغائط (٨) |
__________________
(١) مبرمان : هو محمد بن علي بن إسماعيل أبو بكر العسكري ، أخذ عن المبرد ، وأكثر بعده عن الزجاج ، وأخذ عنه أبو علي الفارسي والسيرافي ، توفي سنة ٣٤٥ ه.
(٢) أبو إسحاق الزجاج : هو إبراهيم بن السري ، من أئمة نحاة البصرة ، أخذ عن ثعلب ثم عن المبرد ولزمه. مات ٣١١ ه.
(٣) كرفئة : واحدة الكرفئ وهو سحاب متراكم. اللسان (٥ / ٣٨٥٩) مادة (كرفأ).
(٤) غرقأت الدجاجة : باضت بيضة عليها الغرقئ ، وقد سبق توضيحه. اللسان (٥ / ٣٢٤٦).
(٥) الجداء : الغناء والنفع. مادة (جدى). اللسان (١ / ٥٧٢).
(٦) يقال رجل حطائط : إذا كان قصيرا. اللسان (٢ / ٩١٤). مادة (حطط).
(٧) البيت أنشده قطرب لأعرابية ، ذكر ذلك صاحب اللسان في شرح مادة (حطط).
(٨) الحطائط : الصغير. والحرى : الفرج. والبطائط : المشقوق. والظبي : الغزال. الشرح : تقول الشاعرة : إن فرجي قصير مشقوق كأثر الظبي بجوار الغائط. ـ