ونحو هذا قول أبي ذؤيب (١) :
يعثرن في حدّ الظّبات كأنما |
|
كسيت برود بني تزيد الأذرع (٢) |
يصف الحمير : أي يعثرن وهن مع ذلك قد نشبن (٣) في حد الظّبات.
وكذلك قوله : «شربت بماء الدّحرضين» إنما الباء في معنى في ، كما تقول : شربت بالبصرة وبالكوفة ، أي في البصرة والكوفة ؛ أي شربت وهي بماء الدحرضين ، كما تقول : وردنا صدّاء (٤) ، ووافينا شجا (٥) ، ونزلنا بواقصة (٦).
__________________
(١) أبو ذؤيب : الهذلي هو خويلد بن خالد بن محرّث بن زبيد بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحرث بن تميم بن سعد بن هذيل. وكان شاعرا فحلا لا غميزة فيه ولا وهن ، قال عنه حسان بن ثابت : أبو ذؤيب أشعر هذيل ، وهذيل أشعر الناس. (طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي).
(٢) هذا البيت من قصيدة أبي ذؤيب المشهورة التي مطلعها :
أمن المنون وريبها تتوجع |
|
والدهر ليس بمعتب من يجزع |
وهو في وصف حمير الوحش. الظبات : جمع الظبة ، وهي حد السيف والسنان والخنجر. اللسان (٤ / ٢٧٤٤). مادة (ظبا) الشرح : حين تعثرت في حد السنان دميت أذرعها وصار الدم عليها كخطوط حمراء كأنها خطوط البرود اليزيدية. ويزيد تاجر كان يبيع العصب في مكة. وفي الرواية التي أوردها المؤلف : تزيد بالتاء ، وهو تزيد بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ، تنسب إليه البرود التزيدية. الشاهد مشروح في المتن. إعراب الشاهد : يعثرن : فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ، والنون ضمير مبني في محل رفع فاعل. في حد : جار ومجرور. الظبات : مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الكسرة.
(٣) نشبن : من نشب في الشيء إذا علق به. مادة (نشب). اللسان (٦ / ٤٤٢٠).
(٤) صداء : بفتح الصاد ، ثم التشديد والمد ، ويروي صدءاء ، بهمزتين بينهما ألف : ركية ليس عندهم ماء أعذب منها ، وفي المثل : ماء ولا كصداء.
(٥) شجا : كذا في معجم البلدان لياقوت : واد بين مصر والمدينة.
(٦) واقصة : اسم لعدة مواضع ، منها واقصة : منزل بطريق مكة بين الفرعاء ومكة ، لبني شهاب من طيء ، ومنها واقصة : اسم ماء لبني كعب ، ومنها واقصة أيضا : موضع باليمامة.