وهذه الألفاظ التي جمعتها وإن كانت كثيرة ، فإنه لا يجوز القياس عليها ، لقلتها بالإضافة إلى ما لم تقلب واوه تاء ، فلا تقول قياسا على تقية في وقيّة : تزير في وزير ، ولا تقول في وجيهة تجيهة ، ولا في أوعد أتعد ، قياسا على أتلج ، ولا في ولهى (١) تلهى ، قياسا على تترى.
فأمّا ما تقيس عليه لكثرته فافتعل وما تصرف منه ، إذا كانت فاؤه واوا ، فإن واوه تقلب تاء ، وتدغم في تاء افتعل التي بعدها ، وذلك نحو : اتّزن ، أصله : اوتزن ، فقلبت الواو تاء ، وأدغمت في تاء افتعل ، فصار اتّزن ، ومثله اتّعد واتّلج واتصف من الوصف.
قال الأعشى (٢) :
فإن تتّعدني أتّعدك بمثلها |
|
وسوف أزيد الباقيات القوارصا (٣) |
وقال طرفة (٤) :
فإن القوافي يتّلجن موالجا |
|
تضايق عنها أن تولّجها الإبر (٥) |
__________________
(١) ولهى : الوالهة وهي من اشتد حزنها حتى ذهب عقلها أو من حنت إلى طفلها.
(٢) الأعشى : هو أبو بصير ميمون الأعشى بن قيس بن جندل من أصحاب المعلقات.
(٣) تتعدني : توعدني وتتهددني. القاموس المحيط (١ / ٣٤٣). القوارصى : واحدها : القارصة وهي الكلمة التي تنغص وتؤلم. القاموس المحيط (٢ / ٣١٠). الشرح :يقول الشاعر : إن هددتني هددتك وأزيد على ذلك هجائي لك. والشاهد : «تتعدني» فقد أبدلت الواو تاء. إعراب الشاهد : تتعدني : فعل مضارع مجزوم ب (إن) وعلامة الجزم السكون ، والنون : للوقاية ، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت ، والياء : ضمير مبني في محل نصب مفعول به.
(٤) طرفة : هو عمرو بن العبد البكري : أقصر فحول الشعراء عمرا ، ومال إلى الشعر والوقوع به في أعراض الناس ، حتى هجا عمرو بن هند ملك العرب على الحيرة فتخلص منه عمرو بن هند وقتل طرفة عن عمر يناهز ٢٦ عاما.
(٥) يتلجن : يدخلن. موالجا : مداخلا. يقول : إن القوافي والأشعار تتلمس اللطيف من المعاني والغائر حتى لو كانت تلك المعاني طرفا ومداخلا لما دخلتها الإبر من لطفها وضيقها. الشاهد : «يتلجن» حيث أبدلت الواو تاء. ـ