وقال سحيم (١) :
وما دمية من دمى ميسنا |
|
ن معجبة نظرا واتّصافا (٢) |
أراد ميسان ، فزاد نونا.
والعلة في قلب هذا الواو في هذا الموضع تاء ، أنهم لو لم يقلبوها تاء ، لوجب أن يقلبوها إذا انكسر ما قبلها ياء ، فيقولوا : ايزن ، ايتعد ، ايتلج ، فإذا انضم ما قبلها ردت إلى الواو فقالوا : موتعد ، وموتزن ، وموتلج. وإذا انفتح ما قبلها قلبت ألفا ، فقالوا : ياتعد ، وياتزن ، وياتلج ، فلما كانوا لو لم يقلبوها تاء صائرين من قلبها مرة ياء ، ومرة ألفا ، ومرة واوا ، إلى ما أريناه ، أرادوا أن يقلبوها حرفا جلدا (٣) ، تتغير أحوال ما قبله وهو باق بحاله ، وكانت التاء قريبة المخرج من الواو ، لأنها من أصول الثّنايا (٤) ، والواو من الشفة ، فأبدلوها تاء ، وأدغموها في لفظ ما بعدها ، وهو التاء ، فقالوا : اتّعد واتّزن (٥) ، وقد فعلوا هذا أيضا في الياء ، وأجروها
__________________
إعرابه : فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ، والنون ضمير مبني في محل رفع فاعل ، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر إنّ.
(١) سحيم : عبد بني الحسحاس ، وهو حلو الشعر رقيق الحواشي ، وكان عبدا أسود ، أعجمي ذو لكنة ، روي أنه أنشد أمير المؤمنين عمر ـ رضي الله عنه ـ :
عميرة ودّع إن تجهزت غاديا |
|
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا |
فقال له : لو قلت شعرك مثل هذا لأعطيتك عليه.
(٢) ميسنان : هي ميسان اسم كورة واسعة كثيرة القرى تقع بين البصرة وواسط وزاد فيها سحيم نونا للضرورة. والشاهد في قوله «اتصافا» فقد قلبت الواو تاء. إعراب الشاهد : اتصافا : معطوف منصوب بالتبعية وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
(٣) حرفا جلدا : أي يحتمل الحركة.
(٤) الثنايا : أربعة أسنان في مقدمة الفم ، اثنتان في الفك الأعلى واثنتان في الفك الأسفل ، والواحدة «ثنية». مادة (ثنى). اللسان (١ / ٥١٦).
(٥) في هامش أحد النسخ الخطية ، ولعله من كلام ابن هشام : «قال بعضهم التحقيق في «اتعد» أن الواو قلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ، كما في ميزان : ثم قلبت الياء تاء كما في اتسر ، ثم أدغم ، قلت : وعلى هذا يتجه أن يقال : فهلا اختص ببعض ما يتصرف فيه ذو الواو ، كما في استنوا. ـ