مجرى الواو ، فقالوا في افتعل من اليبس واليسر : اتّبس واتّسر ، وذلك لأنهم كرهوا انقلابها واوا متى انضم ما قبلها في نحو موتبس ، وألفا في ياتبس ، فأجروها مجرى الواو فقالوا : اتّبس واتّسر ، ومن العرب من لا يبدلهما تاء. ويجرى عليهما من القلب ما تنكبه (١) الآخرون ، فيقول : ايتعد ، وايتزن ، وايتبس ، ويوتعد ، وياتعد ، ويوتزن ، وياتزن ، وياتبس ، وموتعد ، وموتبس.
وسمع الكسائي (٢) : الطريق ياتسق وياتسع ، أي يتّسق ويتسع. واللغة الأولى أكثر وأقيس ، وهي لغة أهل الحجاز ، وبها نزل القرآن.
فهذا إبدال التاء من الواو والياء فاءين.
وقد أبدلت منهما لامين. قالوا : أخت ، وبنت ، وهنت ، وكلتا ، أصل هذا كلّه أخوة ، وبنوة ، وهنوة ، وكلوا ، فنقلوا أخوة وبنوة ووزنهما فعل ، إلى فعل وفعل ، وألحقوهما بالتاء المبدلة من لامها ، بوزن قفل وحلس (٣) ، فقالوا : أخت وبنت ، وليست التاء فيهما بعلامة تأنيث ، كما يظن من لا خبرة له بهذا الشأن ، لسكون ما قبلها.
__________________
ويجاب عنه بما أجيب به عن دولج وهنية ، فإن «اوتعد» لم تستعمل البتة ، وأبو الفتح جعل الواو قلبت تاء ، من أول الأمر ، لما ذكر من خوف تنقلها ، لكن في كلامه نظر ، فإنه إذا انفتح ما قبلها في نحو يوتعد ، فإنه لا وجه لقلبها ألفا. فقوله : إن ذلك يقتضي قلبها ألفا ، مشكل. وكذا في ييتسر ، لا مقتضى لقلب الياء ألفا ، ألا ترى أن الذي يكره نقل حرف العلة ، قال : يوتعد ويوتزن. فإن قلت : وقال أيضا : ياتعد وياتزن ، كما حكى أبو الفتح الأمرين معا. قلت : ذاك قلب خارج عن القياس ، قصد به التخفيف ، وهو في مقام بيان أن هذا البدل كان يلزم عدم الإبدال تاء وليس كذلك».
(١) تنكبه : عدلوا عنه. مادة (نكب). اللسان (٦ / ٤٥٣٤).
(٢) الكسائي : نحوي ولغوي عربي كوفي من أرباب الكوفيين ، سمع عن العرب الفصحاء وروى عنهم.
(٣) الحلس : كل ما ولي ظهر الدابة والقتب والسرج ، وما يبسط في البيت من حصير ونحوه تحت كريم المتاع ، ويقال : هو حلس بيته أي لا يبرحه وهو من أحلاس الخيل : ملازم لظهورها ، وأم حلس : كنية الأتان ، (ج) أحلاس وحلوس. مادة (حلس). اللسان (٢ / ٩٦١).