وأما هنت فيدلّ على أن التاء فيها بدل من واو ، قولهم في الجمع : هنوات ، قال (١):
أرى ابن نزار قد جفاني ورابني |
|
على هنوات شأنها متتابع (٢) |
وأما كلتا فذهب سيبويه إلى أنها فعلى ، بمنزلة الذّكرى والحفرى (٣) ، وأصلها كلوا ، فأبدلت الواو تاء ، كما أبدلت في أخت وبنت.
والذي يدل على أنّ لام كلتا معتلة ، قولهم في مذكرها : كلا ، وكلا : فعل ، ولامه معتلة ، بمنزلة لام حجا ورضا ، وهما من الواو ، لقولهم : حجا يحجو (٤) والرّضوان ، ولذلك مثّلها سيبويه بما اعتلت لامه منقلبة ، فقال : هي بمنزلة شروى.
وأما أبو عمر الجرميّ فذهب إلى أنها فعتل ، وأن التاء فيها علم تأنيثها ، وخالف سيبويه.
ويشهد بفساد هذا القول أن تاء التأنيث لا تكون علامة تأنيث الواحد إلا وقبلها فتحة نحو طلحة وحمزة ، وقائمة وقاعدة ، أو تكون قبلها ألف ، نحو : سعلاة (٥) وعزهاة (٦) ، واللام في كلتا ساكنة كما ترى ، فهذا وجه.
ووجه آخر أن علامة التأنيث لا تكون أبدا وسطا ، إنما تكون آخرا لا محالة.
__________________
(١) البيت لم نعثر على قائله ، وقد ذكره سيبويه في الكتاب (٢ / ٨١) ولم ينسبه.
(٢) جفاني : هجرني. رابني : رأيت منه ما يريبني ويخوفني. هنوات : جمع هنة وهي القليل من الأشياء أو الصغير الحقير. الشرح : لقد رأيت ما يخيفني من ابن نزار على فترات متقاربة. الشاهد : ورود كلمة «هنوات» فقد جاءت جمعا لـ «هنت».
(٣) الحفري : شجر ينبت في الرمل ، لا يرال أخضر ، وهو من نبات الربيع. وقال أبو حنيفة : الحفري : ذات ورق وشوك صغير ، لا تكون إلا في الأرض الغليظة ولها زهرة بيضاء ، الواحدة حفراء. مادة (حفر). اللسان (٢ / ٩٢٥).
(٤) حجا : يحجو حجوا : ورد بعدة معان ، منها ظن ، وأقام ، وحفظ الشيء.
(٥) السعلاة : الغول ، والجمع سعالي. مادة (س ، ع ، ل). القاموس المحيط (٣ / ٢٠١٨)
(٦) في القاموس : العزهاة : العارف عن اللهو والنساء ، أو اللئيم ، أو الذي لا يكتم بغض صاحبه والعزهاة أيضا : المرأة أسنت ونفسها تنازعها إلى الصبا. القاموس المحيط (٤ / ٢٨٣).