وكلتا : اسم مفرد يفيد معنى التثنية بإجماع من البصريين ، فلا يجوز أن تكون علامة تأنيثه التاء وما قبلها ساكن ، وأيضا فإن فعتل مثال لا يوجد في الكلام أصلا ، فيحمل هذا عليه ، فإن سمّيت بكلتا رجلا لم تصرفه في قول سيبويه ، معرفة ولا نكرة ، لأنّ ألفها للتأنيث بمنزلة ألف ذكرى ، وتصرفه نكرة في قول أبي عمر ، لأن أقصى أحواله عنده أن يكون كقائمة وقاعدة وعزّة وحمزة.
وأما إبدالهم التاء من الياء لاما ، فقولهم : ثنتان ؛ ويدل على أنه من الياء أنه من ثنيت ، لأن الاثنين قد ثني أحدهما على صاحبه ، وأصله : ثني ، يدل على ذلك جمعهم إياه على أثناء ، بمنزلة أبناء وآخاء ، فنقلوه من فعل إلى فعل ، كما فعلوا ذلك في بنت ، فأما التاء في اثنتان فتاء التأنيث ، بمنزلتها في ابنتان تثنية ابنة ، وإنما ثنتان بمنزلة بنتان ، واثنتان بمنزلة ابنتان.
وأبدلوا التاء أيضا من الياء لاما في قولهم : كيت وكيت ، وذيت وذيت (١). وأصلهما كيّة وكيّة ، وذيّة وذيّة ، ثم إنهم حذفوا الهاء ، وأبدلوا من الياء التي هي تاء ، كما فعلوا ذلك في ثنتان ، فقالوا : كيت وذيت ، فكما أن الهاء في كيّة وذيّة علم تأنيث ، فكذلك الصيغة في كيت وذيت علم تأنيث ، وكذلك التاء أيضا في اثنتان علامة تأنيث ، والصيغة في ثنتان أيضا علامة تأنيث. وهذه قصة ابنة وبنت أيضا.
وفي كيت وذيت ثلاث لغات : منهم من يبنيهما على الفتحة ، فيقول : كيت وذيت ، ومنهم من يبنيهما على الكسرة ، فيقول : كيت وذيت ، ومنهم من يبنيهما على الضمة ، فيقول : كيت وذيت.
فأمّا كيّة وذيّة فليس فيهما مع الهاء إلا البناء على الفتح.
فإن قيل : ما تنكر أن تكون التاء في كيت وذيت منقلبة عن واو ، بمنزلة تاء أخت وبنت ، ويكون على هذا أصل ذيّة وكيّة : ذيوة وكيوة. فلما اجتمعت الواو والياء وسبقت الياء بالسكون ، قلبت الواو ياء ، وأدغمت الياء في الياء كما قالوا : سيّد وميّت ، وأصلهما سيود وميوت.
__________________
(١) كيت وكيت ، وتكسر التاء ، يقال : كان في الأمر كيت وكيت كذا وكذا وهي كناية عن القصة والأحدوثة ولا تستعملان إلا مكررتين.