وقال (١) :
حتى إذا ما أمسجت وأمسجا (٢)
يريد : أمست وأمسى.
وهذا أحد ما يدل على ما ندّعيه من أن أصل رمت : رميت ، وغزت : غزوت ، وأعطت : أعطيت ، واستقصت : استقصيت ، وأمست : أمسيت.
ألا ترى أنه لما أبدل الياء من أمسيت جيما ، والجيم حرف صحيح يحتمل الحركات ، ولا يلحقه الانقلاب الذي يلحق الياء والواو ، صحّحها كما يجب في الجيم ، فدلّ أمسجت على أن أصل أمست : أمسيت ، وكذلك قال أيضا : أمسجا ، فدلّ ذلك على أن أصل أمسى : أمسى ، وأن أصل رمى : رمى ، وأصل غزا : غزو ، وأصل دعا : دعو ، ودلّ ذلك أيضا على أن أصل عصا : عصو ، وأصل قطا وقنا وحصّى وفتى : قطو (٣) ، وقنو (٤) ، وحصى ، وفتى ، فبهذا ونحوه ما استدل أهل التصريف على أصول الأشياء المغيّرة ، كما استدلّوا بقوله عز اسمه : «استحوذ عليهم الشيطان» على أن أصل استقام : استقوم. وأصل استباع استبيع.
ولو لا ما ظهر من هذا ونحوه لما أقدموا على القضاء بأصول هذه الأشياء ، ولما جاز ادعاؤهم إياها.
* * *
__________________
(١) قائل هذا البيت هو العجاج : أحد الرجاز الإسلاميين ، عده ابن سلام في الطبقة التاسعة.
(٢) وهذا بيت من مشطور الرجز رواه اللسان في مادة (مسى) (٦ / ٤٢٠٦). الشاهد فيه : إبدال الياء جيما في أمسجت وأمسجا ، فأصلها كما ذكر المؤلف أمست وأمسى.
(٣) قطو : من قطا قطوا : إذا ثقل مشيه. مادة (ق ط ا) اللسان (٥ / ٣٦٨٤).
(٤) قنو : قنا اللون قنوا : احمرّ. مادة (ق ن ا) اللسان (٥ / ٣٧٥٩).