فأما قولهم : تنسّمت منه علما وتنشّمت ، فليس واحد من الحرفين بدلا من صاحبه ، لأن لكل واحد منهما وجها قائما.
أما تنسّمت فكأنه من النسيم ، كقولك : استروحت منه خبرا ، فمعناه أنه تلطف في التماس العلم منه شيئا فشيئا ، كهبوب النسيم.
وأما قولهم تنشّمت فمن قولهم نشّمت في الأمر ، أي ابتدأته ولم أوغل (١) فيه ، وكذلك تنشّمت منه ، أي ابتدأت بطرف من العلم من عنده ولم أتمكن فيه.
ومن العرب من يبدل كاف المؤنث في الوقف شينا (٢) ، حرصا على البيان لأن الكسرة الدالة على التأنيث فيها تخفي في الوقف ، فاحتاطوا للبيان بأن أبدلوها شينا ، فقالوا : عليش ومنش ، ومررت بش.
ومنهم من يجري الوصل مجرى الوقف ، فيبدل فيه أيضا.
وأنشدوا للمجنون (٣) :
فعيناش عيناها وجيدش جيدها |
|
سوى أن عظم الساق منش دقيق (٤) |
__________________
(١) أوغل : أتعمق فيه. مادة «وغل». اللسان (٦ / ٤٨٨٠).
(٢) ما ذكره ابن جني يعرف بظاهرة الكشكشة.
(٣) المجنون : هو قيس بن الملوح مجنون بني عامر.
(٤) البيت أحد أربعة أبيات وردت في ديوانه (ص ١٣) طبع بولاق ، اختيار أبي بكر الوالبي الأندلسي ، وهو في الديوان بالكاف لا بالشين. الجيد : العنق ، ومقدمه ، وموضع القلادة ، والجمع أجياد. مادة (جيد) اللسان (١ / ٧٣٧). الشرح : يصور الشاعر محبوبته في صورة ظبية جميلة ، إلا أن محبوبته تفوق الظبية في دقة عظام الساق. الشاهد في البيت : «عيناش ، جيدش ، منش» فقد قلب الكاف شينا ، والأصل «عيناك ، جيدك ، منك». إعراب الشواهد : عيناك : مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الألف ، والكاف ضمير مبني في محل جر مضاف إليه. وجيدك : مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة ، والكاف ضمير مبني في محل جر مضاف إليه. منك : جار ومجرور.