وأما قول الشاعر :
إنّ شكلي وإنّ شكلك شتّى |
|
فالزمي الخصّ واخفضي تبيضضّي (١) |
فإنه أراد : تبيضّي ، فزاد ضادا ضرورة ، لإقامة الوزن.
واعلم أن الضاد واحدة من خمسة أحرف يدغم فيهنّ ما قاربهن ، ولا يدغمن هن فيما قاربهنّ ، وهي الراء والشين والضاد والفاء والميم. ويجمعها في اللفظ : ضم شفر ، ومنهم من يخرج الضاد من هذه الخمسة ، ويقول : قد أدغموا الضاد في الطاء في بعض اللغات ، فقالوا في اضطجع : اطّجع ، وهذه لغة شاذة ، ويجمع الأربعة الأحرف الباقية ، فيقول هي : مشفر ، والقول الأول هو الذي عليه العمل.
واعلم أن الضاد للعرب خاصة (٢) ، ولا يوجد من كلام العجم إلا في القليل.
فأما قول المتنبي (٣) :
وهم فخر كلّ من نطق الضاد |
|
وعوذ الجاني وغوث الطريد (٤) |
__________________
(١) شتى : يقصد مختلفين. مادة (ش ت ت) اللسان (٤ / ٢١٩٢). الخص : بيت من شجر أو ورق أو قصب. مادة (خ ص ص) اللسان (٢ / ١١٧٤). اخفضي : أي أقيمي بمكانك من خفض يخفض كضرب ، وأما خفض العيش إذا لان واتسع فمن باب كرم ، يقال : هم في خفض من العيش أي لين وسعه. اللسان (٢ / ١٢١١). الشرح : نحن مختلفين في الشكل ولكن عليك الالتزام بحسن العشرة. الشاهد : شرحه المؤلف في المتن.
(٢) مثله الظاء ، قال في القاموس المحيط : الظاء : حرف خاص بالعرب.
(٣) المتنبي : هو أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي الكندي الكوفي الشاعر الحكيم صاحب الأمثال السائرة ، وخاتم الثلاثة الشعراء ، وآخر من بلغ شعره غاية الارتقاء ، ولد بالكوفة سنة ٣٠٣ ه ، وقتل سنة ٣٥٤ ه.
(٤) هذا البيت من قصيدة للمتنبي قالها في صباه مطلعها :
كم قتيل كما قتلت شهيدا |
|
لبياض الطلي وورد الخدود |
والعوذ في الشاهد : الالتجاء ، والمراد به هنا : الملجأ. الغوث : في الأصل النصرة ويراد به هنا الناصر. والضمير في هم : يرجع إلى أجداده الذين ذكرهم في البيت الذي قبله.
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي |
|
وبنفسي فخرت لا بجدودي |