وقال امرؤ القيس :
وتعطو برخص غير شثن كأنه |
|
أساريع ظبي أو مساويك إسحل (١) |
ومن هذا قيل لما يستصحب فيه الماء في الأسفار (٢) إداوة ، إنما هي فعالة من الأداة ، لأنها تعين بما تتضمنه من الماء على السفر ، وتقوّى عليه ، فهذا أحد وجهي آديته ، وهو الأظهر الأعرف.
وفيه وجه آخر غامض ، وهو أن أبا عليّ (٣) أخبرني أن يعقوب حكى عنهم أنهم يقولون : قطع الله أديه ، يريد يده (٤) ، قال : قال أبو علي : فالهمزة في أديه ليست بدلا من الياء ، إنما هي لغة في الكلمة ، بمنزلة يسروع وأسروع ، ويلملم وألملم.
ونحو قول طرفة :
أرّق العين خيال لم يقر |
|
طاف والركب بصحراء أسر (٥) |
ويروى : يسر.
__________________
(١) الرخص : اللين. والشثن : الغليظ الجافي. الأساريع : جمع أسروع وهو دود أحمر ، وقيل : أبيض يكون في وادي ظبي ، وهو واد بتهامة. والإسحل : شجر تتخذ منه المساويك لين مثل الأراك. ينبت بالحجاز بأعالي نجد ، وقال أبو حنيفة : الإسحل يشبه الأثل ويغلظ حتى تتخذ منه الرحال. اللسان (٣ / ١٩٥٩). الشرح : يصف الشاعر محبوبته وهي تتناول أشياءها فيصف أصابعها بالليونة والنعومة وكأنها من الأساريع أو مثل مساويك إسحل. الشاهد : «تعطو برخص غير شثن». إعراب الشاهد : تعطو : مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة. برخص : جار ومجرور. غير : نعت مجرور. شثن : مضاف إليه.
(٢) الأسفار : الرحلات. مادة (سفر). اللسان (٣ / ٢٠٢٤).
(٣) هو أبو علي الفارسي ، نحوي مشهور.
(٤) جاء في لسان العرب قال : وقالوا : قطع الله أديه : يريدون يديه. مادة (أد ا) (١ / ٤٩).
(٥) لم يقر : من القرار ، أي الثبات ، أو الوقار ، وهو الرزانة. أسر : موضع بالحزن قاله الأعلم. وقال ابن السكيت : موضع قريب من اليمامة. ـ