اعلم أن للحروف في اختلاف أجناسها انقسامات نحن نذكرها.
فمن ذلك انقسامها في الجهر والهمس ، وهي على ضربين : مجهور ومهموس.
فالمهموس عشرة أحرف ، وهي : الهاء ، والحاء ، والخاء ، والكاف ، والشين ، والصاد ، والتاء ، والسين ، والثاء ، والفاء ، ويجمعها في اللفظ قولك : «ستشحثك خصفة» (١).
وباقي الحروف ، وهي تسعة عشر حرفا ، مجهور.
فمعنى المجهور : أنه حرف أشبع الاعتماد من موضعه ، ومنع النّفس أن يجري معه حتى ينقضي الاعتماد ، ويجري الصوت ، غير أنّ الميم والنون من جملة المجهورة قد يعتمد لهما في الفم والخياشيم ، فتصير فيهما غنّة ، فهذه صفة المجهور.
وأما المهموس : فحرف أضعف الاعتماد من موضعه ، حتى جرى معه النّفس ، وأنت تعتبر ذلك بأنه قد يمكنك تكرير الحرف مع جري الصوت نحو : سسسس كككك هههه ، ولو تكلفت مثل ذلك في المجهور لما أمكنك.
وللحروف انقسام آخر إلى الشدة والرّخاوة وما بينهما :
فالشديدة ثمانية أحرف ، وهي : الهمزة ، والقاف ، والكاف ، والجيم ، والطاء ، والدال ، والتاء ، والباء ، ويجمعها في اللفظ : «أجدت طبقك» و «أجدك طبقت»
والحروف التي بين الشديدة والرّخوة ثمانية أيضا ، وهي : الألف ، والعين ، والياء ، واللام ، والنون ، والراء ، والميم ، والواو ، ويجمعها في اللفظ : «لم يرو عنّا» ، وإن شئت قلت : «لم يروّعنا» ، وإن شئت قلت : «لم يرعونا» ، وما سوى هذه الحروف والتي قبلها ، هي الرّخوة.
ومعنى التشديد : أنه الحرف الذي يمنع الصوت من أن يجري فيه ، ألا ترى أنك لو قلت : الحقّ ، والشطّ ، ثم رمت مدّ صوتك في القاف والطاء ، لكان ذلك ممتنعا.
__________________
(١) هناك ترتيب آخر ذكره ابن منظور لمصطلح المهموس من الحروف وهو «حثه شخص فسكت». والذي ذكره المصنف هنا هو ما في المحكم. لسان العرب (٦ / ٤٦٩٩). مادة (همس).