ومن أمثلة الإيجاز في النظم قول زهير :
فإني لو لقيتك واتّجهنا |
|
لكان لكلّ منكرة كفاء (١) |
لأن مقصوده إنني لو واجهتك لكان عندي مكافأة لك على كل أمر يبدو منك أنكره ، فقد أورد المعنى في لفظ قليل ، وبهذا كان يوصف شعر زهير ، لأنه كثير الإيجاز مع الإيضاح لمعانيه.
ومن ذلك أيضا قول امرىء القيس :
على هيكل يعطيك قبل سؤاله |
|
أفانين جري غير كزّ ولا وان (٢) |
لأنه جمع بقوله : أفانين جري ، ما لو عد كان كثيرا ، وأضاف إلى ذلك أوصاف الجودة في الفرس بقوله : إنه يعطي قبل سؤاله أفانين جريه ولا يحتاج إلى حث ، ونفى عنه بقوله : غير كزّ ولا وان ، أن تكون معه الكزازة من قبل الجماح والمنازعة ، والونى من قبل الاسترخاء والفترة ، فكان في هذا البيت جملة من وصف الفرس قد عبر بها عن معان كثيرة.
ومما يذكر من الإيجاز أيضا قول امرأة من عكل :
يابن الدعيّ إنّه عكل فقف |
|
لتعلمنّ اليوم إن لم تنصرف |
أن الكريم واللئيم مختلف |
وهذا إجمال في المعنى ، وإيجاز في العبارة عنه.
ومن ذلك أيضا قول الشريف الرضي :
مالوا على شعب الرّحال وأسندوا |
|
أيدي الطعان إلى قلوب تخفق (٣) |
__________________
(١) «ديوان زهير» ص ٢٠ ، وقد ورد فيه على النحو التالي :
وإني لو لقيتك فاجتمعنا |
|
لكان لكلّ مندية لقاء |
(٢) شرح «ديوان امرىء القيس» ٢٠٩ الهيكل : الفرس الضخم.
(٣) شعب الرحال : خشبها ، «ديوان الشريف الرضي» (٢ / ٣٦). وفي المطبوع : خروا ، بدل مالوا.