القارىء يؤدي حروف أبي عمرو بأعيانها من غير زيادة ولا نقصان.
وقد اختلفوا في تسمية الناقة الضامر حرفا ، فقال قوم : أي : أنها قد حدّدت أعطافها بالضمر. وقال أبو العباس أحمد بن يحيى : لأنها انحرفت عن السمن ، وقال غيره : شبّهت بحرف الجبل في الشدة والصلابة ، وزعم بعضهم أنها شبهت بحرف السيف في مضائه ، وقال آخرون : شبهت بالهاء من الحروف لدقتها وتقويسها ، وكل هذا راجع إلى ما تقدم.
ومنه سمي مكسب الرجل حرفة ، لأنه الجهة التي انحرف إليها ، وسموا الميل محرافا لدقته ، وأنشد أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد :
كما زلّ عن رأس الشّجيج المحارف (١)
والتحريف في الكلام الميل والانحراف ، قال الله تعالى : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) [النساء : ٤٦].
أما تسمية أهل العربية أدوات المعاني ـ نحو من ، وقد ـ حروفا فإنهم زعموا أنهم سموها بذلك لأنها تأتي في أول الكلام وآخره ، فصارت كالحروف والحدود له ، وقد قال بعضهم : إنما سميت حروفا لانحرافها عن الأسماء والأفعال ، وهي عندنا نحن كلام ، لأنها منتظمة من حرفين فصاعدا.
وأما قولهم للحروف التي في لغة العرب : حروف المعجم ، فليس بصفة للحروف ، لأن ذلك يفسد من وجهين : أحدهما : امتناع وصف النكرة بالمعرفة (٢) ، والثاني : إضافة الموصوف إلى صفته ، والصفة عند النحويين هي الموصوف في المعنى ، ومحال أن
__________________
(١) البيت لأوس بن حجر في «ديوانه» ص ٦٦ ، وأوله :
يزلّ قتود الرّحل عن دأياتها
(٢) الممنوع نعت النكرة بالمعرفة وما هنا من باب الاضافة.