ومن ذلك قول زهير بن أبي سلمى :
يطعنهم ما ارتموا حتى إذا اطعنوا |
|
ضارب حتى اذا ما ضاربوا اعتنقا (١) |
وهذا تقسيم صحيح.
ومنه قول الحارثي :
فكذّبت عنك الطّرف والطّرف صادق |
|
وأسمعت أذنى فيك ما ليس تسمع |
وما أسكن الأرض التي تسكنينها |
|
لئلا يقولوا صابر ليس يجزع |
فلا كمدي يغني ولا لك ذمّة |
|
ولا عنك إقصار ولا فيك مطمع |
لقيت أمورا فيك لم ألق مثلها |
|
وأعظم منها منك ما أتوقع |
وهذه كلها أقسام صحيحة.
ومن أمثلة ذلك في النثر قول بعضهم في كتاب له : (فإنك لم تخل فيما بدأتني به من مجد أثلته ، أو شكر تعجلته ، أو أجر ادخرته ، أو متجر اتّجرته ، أو من أن تكون جمعت ذلك كله) فلم يبق في هذا المعنى قسم لم يأت به ، ولا من الأقسام شيء تكرّر.
فأما الأقسام الفاسدة فكقول جرير :
صارت حنيفة أثلاثا فثلثهم |
|
من العبيد وثلث من مواليها (٢) |
فهذه قسمة فاسدة من طريق الإخلال ، لأنه قد أخل بقسم من الثلاثة. وقيل : إن بعض بني حنيفة سئل من أي الأثلاث هو من بيت جرير؟ فقال : هو الثلث الملغي (٣).
__________________
(١) «ديوان زهير» ص ٧٧. يطعنهم بالرمح إذا رموا بالسهام ، وإذا تطاعنوا بالرمح ضرب بالسيف ، وإذا ضربوا بالسيف ضمّ قرنه إليه.
(٢) «ديوان جرير» ص ٤٥٨.
(٣) «نقد الشعر» لقدامة بن جعفر ، ص : ٢٠١.