ومنها قول أبي تمام :
قسم الزمان ربوعها بين الصّبا |
|
وقبولها ودبورها أثلاثا (١) |
فهذا فاسد من طريق التكرار ، لأن القبول هي الصّبا على ما ذكره جماعة من أهل اللغة.
ومن ذلك أيضا قول هذيل الأشجعي :
فما برحت تومي إليّ بطرفها |
|
وتومض أحيانا إذا خصمها غفل |
لأن ـ تومى بطرفها وتومض ـ في معنى واحد.
ومنه قول الآخر :
أبادر إهلاك مستهلك |
|
لمالي أو عبث العابث |
فهذا فاسد لدخول أحد القسمين في الآخر ، لأن عبث العابث داخل في استهلاك المستهلك.
ومن هذا الجنس أن بعض المتخلفين سأل مرة فقال : علقمة بن عبدة جاهلي أو من بني تميم؟ فضحك منه ؛ لأن الجاهلي قد يكون من بني تميم ومن بني عامر ، والتميمي قد يكون جاهليا وإسلاميا. وكتب بعضهم إلى عامل من قبله : ففكرت مرة في عزلك ، وأخرى في صرفك وتقليد غيرك. وكتب أيضا في هذا الكتاب : فتارة تسترق الأموال وتختزلها ، وتارة تقتطعها وتحتجنها ، وهذا مثل الأول في التكرير. وكتب آخر في فتح فقال : فمن بين جريح مضرّج بدمائه ، وهارب لا يلتفت إلى ورائه ، وهذان القسمان يدخل كل واحد منهما في الآخر ، لأن الجريح قد يكون هاربا ، والهارب قد يكون جريحا.
وروى أبو الفرج قدامة بن جعفر أن ابن منارة وقّع على ظهر رقعة عامل من عماله هرب من صارفه ـ وكتب إليه رقعة يعلم بها ما عنده ـ : إنك لا تخلو في هربك من صارفك
__________________
(١) «ديوان أبي تمام» ١ / ٣١١ ، من قصيدة في مدح مالك بن طوق.