وكذلك ذهب أبو القاسم الآمدي الى تناقض بيت أبي تمام في صفة الفرس :
وبشعلة تبدو كأن فلولها |
|
في صهوتيه بدء شيب المفرق |
مسودّ شطر مثل ما اسودّ الدّجى |
|
مبيضّ شطر كابيضاض المهرق (١) |
قال : لأنه ذكر في البيت الأول أنه أشعل ، ثم قال في الثاني : إن نصفه أسود ونصفه أبيض وذلك هو الأبلق ، فكيف يكون فرس واحد أشعل أبلق؟ (٢) وهذا من أبي القاسم تحامل على أبي تمام ؛ لأنه يصف فرسا أشعل ويريد بقوله : إنه مسودّ شطر ومبيضّ شطر ، أنّ سواده وبياضه متكافئان ، فلو جمع السواد لكان نصفه ، وكذلك البياض ، وهذا الوصف من تكافؤ السواد والبياض في الأشعل محمود ، حتى إن النخّاسين يقولون : أشعل شعرة شعرة ، فعلى هذا لا يكون شعر أبي تمام من المتناقض.
ومما يعترض الشك فيه قول أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان :
ولقد سلوت عن الشباب كما سلا |
|
غيري ولكن للحزين تذكر (٣) |
فيقال : كيف يجوز أن يسلو وهو حزين يتذكر؟ وقد قرأت هذا البيت عليه في جملة شعره ولم أسأله عنه ، والذي يحتمل عندي من التأويل أنه أراد بالسلوّ ههنا اليأس ورفض الطمع ، فكأنه قال : قد يئست من الطمع للشباب كما يئس غيري ولكنّي حزين عليه أتذكره ، وهذا وجه قريب.
وذهب أبو الفرج قدامة بن جعفر الكاتب إلى تناقض قول أبي نواس في صفة الخمر (٤) :
كأنّ بقايا ما عفا من حبابها |
|
تفاريق شيب في سواد عذار |
__________________
(١) ديوان ابي تمام ٢ / ٤١١ ، ٤١٤ ، وفيه : وبشعلة نبذ كأن قليلها. المهرق : الصحيفة.
(٢) الموازنة للآمدي ١ / ٢٥٢.
(٣) «ديوان سقط الزند» لأبي العلاء المعري ص ٢٢٩.
(٤) «نقد الشعر» ص : ٢٠٦.