على ما ظننته بعينه من غير زيادة عليه ، ولم أخب لأنك قد أعطيتني ، ومن أعطي فما خاب ، وهذا صحيح واضح.
ومن المتناقض على طريق المضاف قول عبد الرحمن بن عبد الله القس :
وإنّي إذا ما الموت حلّ بنفسها |
|
يزال بنفسي قبل ذاك فأقبر |
لأنه وضع هذا القول وضع الشرط ، وجعل جوابه ـ يزال بنفسي ـ ثم قال : قبل ذاك ، فكأنه قال : إن نفسي تزول بعد نفسها وقبلها ، وهذا مثل قول القائل : إذا دخل زيد الدار دخل عمرو قبله ، وذلك متناقض.
وقد ذهب أبو القاسم الآمدي إلى مناقضة أبي تمام في قوله :
الرزق لا تكمد عليه فإنّه |
|
يأتي ولم تبعث إليه رسولا (١) |
وقوله بعده في صفة الناقة :
لله درّك أيّ معبر قفرة |
|
لا يوحش ابن البيضة الإجفيلا |
بنت القفار متى تخد بك لا تدع |
|
في الصدر منك على الفلاة غليلا (٢) |
قال : لأنه صرح في البيت الأول بذكر القعود عن طلب الرزق وأتبعه في البيت الثاني بلا فصل بذكر الناقة وصفتها والرحيل عليها ، فكان ذلك مناقضة ظاهرة.
ومن الصحة ألّا يضع الجائز موضع الممتنع ، فإنه يجوز أن يضع الممتنع موضع الجائز إذا كان في ذلك ضرب من الغلوّ والمبالغة ، ولا يحسن أن يوضع الجائز موضع الممتنع لأنه لا علة لجواز ذلك ، وهو ضد ما يحمد من الغلو والمبالغة في الشعر ، ومن أمثلة هذا قول الشاعر : (٣)
__________________
(١) «ديوان أبي تمام» /.
(٢) ديوان أبي تمام / المعبر : ما يعبر به ، أي الناقة ، وابن البيضة : النعام ، والاجفيل : الكثير الإجفال.
(٣) هو خالد بن صفوان. دلائل الإعجاز ٣٤٩ ، أسرار البلاغة ١٣٣.