وقول ابن هانيء الأندلسي :
أمديرها من حيث دار لشدّ ما |
|
زاحمت تحت ركابه جبريلا (١) |
وأما استعمال الغلوّ الخارج إلى الإحالة في النثر فقليل ، وأكثر ما يستعمل فيه المبالغة التي تقارب الحقيقة ، كقول بعضهم : لهم جود كرام اتسعت أحوالها ، وبأس ليوث تتبعها أشبالها ، وهمم ملوك انفسحت آمالها ، وفخر صميم شرفت أعمامها وأخوالها.
فبالغ لمّا جعل لهم جود الكرام مع اتساع الحال ، وبأس الليوث مع اتباع الأشبال ، وكذلك ما بعده من الكلام.
ومن المبالغة قول النابغة الذّبياني :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم |
|
بهنّ فلول من قراع الكتائب (٢) |
وإنما كان هذا الإستثناء من المبالغة في المدح ، لأنه قد دل به على أنه لو كان فيهم عيب غيره لذكره ، وأنه لم يقصد إلا وصفهم بما فيهم على الحقيقة.
ومنه أيضا قول أبي هفّان :
ولا عيب فينا غير أن سماحنا |
|
أضرّ بنا والبأس من كل جانب |
فأفنى الردى أعمارنا غير ظالم |
|
وأفنى الندى أموالنا غير عائب |
أبونا أب لو كان للناس كلهم |
|
أبا واحدا أغناهم بالمناقب |
ومن قول النابغة الجعدي :
فتى كملت أخلاقه غير أنّه |
|
جواد فما يبقى من المال باقيا (٣) |
__________________
(١) «ديوان ابن هانيء» ص ١٤٦. ضمير (أمد يرها) للمظلة التي كان الفاطميون يستعملونها في مواكبهم. وضمير (دار) يعود على المعزّ لدين الله الفاطمي. والبيت من قصيدة في مدح المعزّ.
(٢) «ديوان النابغة الذبياني» ص ١١.
(٣) ديوان النابغة الجعدي ١٧٤ ، الكتاب ١ / ٣٦٧ ، خزانة الأدب ٢ / ١٢ ، مغني اللبيب ٢٠٩ ، همع الهوامع ١ / ٢٣٤ ، الدرر اللوامع ١ / ١٩٨ ، شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ٩٦٩. ـ