للمبالغة ، من حيث كان الكلام أجلّ ما يوصف به الإنسان حتى ، قال الشاعر : (١)
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده |
|
فلم يبق إلّا صورة اللحم والدم |
وقال قبل البيت (٢) :
وكائن ترى من صامت لك معجب |
|
زيادته أو نقصه في التكلّم |
ولآخر (٣) :
وممّا كانت الحكماء قالت |
|
لسان المرء من خدم الفؤاد |
ويقال لأهل الدين والكلام عليه : فلان متكلم ، فلو لا أنها شيمة شريفة ، وصفة مبالغة ، لما وصف بذلك ، ثم يقال للانسان الذي يورد ما تقل فائدته : هذا ليس بكلام ، فقد بان بما ذكرته موضع المبالغة في قولهم : فلان متكلم ، وقد قال النبي صلىاللهعليهوسلم :
«إن من البيان لسحرا» (٤) ، فأمّا ما جاء من قوله :
فصبّحت والطير لمّا تكلّم
وقوله :
عجبت لها أنى يكون غناؤها |
|
فصيحا ولم تفغر بمنطقها فما |
فمجاز لا حقيقة له ، كما قيل :
إلى ملك أظلافه لم تشقّق (٥)
__________________
(١) هو زهير بن أبي سلمى ، والأبيات من معلقته ، في «شرح المعلقات السبع» للزوزني ص ٢٤٥.
(٢) المصدر نفسه ، ص ٢٤٤.
(٣) «ديوان أبي تمام» (ط دار المعارف) ١ / ٣٧٥ من قصيدة في مدح ابن أبي داود.
(٤) أخرجه ابن حجر في «فتح الباري» حديث رقم (٥١٤٦) من حديث ابن عمر.
(٥) هذا عجز بيت للشاعر عقفان بن قيس بن عاصم وأوله :
سأمنعها أو سوف أجعل أمرها
أسرار البلاغة للجرجاني ٤٤.