وقال سهل بن هارون الكاتب (١) : العقل رائد الروح ، والعلم رائد العقل ، والبيان ترجمان العلم.
وأولى من هذا بالحجة قول النبي صلىاللهعليهوسلم للعباس وقد سأله فيم الجمال؟ فقال : «في اللسان» (٢).
وقالوا لما دخل ضمرة بن ضمرة (٣) على النعمان بن المنذر احتقره لما رأى من دمامته ، وقال : تسمع بالمعيديّ (٤) خير من أن تراه ، فقال : أبيت اللعن ، إن الرجال لا تكال بالقفزان ، وليست تستقى فيها وإنما المرء بأصغريه : قلبه ولسانه ، إن صال صال بجنان ، وإن نطق نطق بلسان.
وأنشدوا لأبي الأعور السلمي :
كائن ترى من صامت لك معجب |
|
زيادته أو نقصه في التكلم |
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده |
|
فلم يبق إلّا صورة اللحم والدم (٥) |
وهذان البيتان قد ذكرتهما فيما تقدم حكاية عن أبي طالب العبدي ، لكن هذا موضعهما.
__________________
(١) هو سهل بن هارون بن راهبون (أو راهيون) أبو عمر الدستميساني : كاتب بليغ ، حكيم من واضعي القصص يلقب ب «بزرجمهر الإسلام» اتصل بهارون الرشيد ، وارتفعت مكانته عنده ، حتى أحله محل يحيى البرمكي صاحب دواوينه. ثم خدم المأمون فولاه رياسة «خزانة الحكمة» ببغداد. له كتب كثيرة منها : «الإخوان» ، و «المسائل» ، و «تدبير الملك والسياسة» ، و «النمر والثعلب» ، وغيرها كثير.
(٢) النسائي [١٣٤٨].
(٣) هو ضمرة بن ضمرة بن جابر النهشلي من بني دارم ، شاعر جاهلي ، من الشجعان الرؤساء. وهو صاحب يوم «ذات الشقوق» من أيام العرب في الجاهلية. أغار فيه على بني أسد ، وظفر بهم ، في مكان يسمى «ذات الشقوق».
(٤) المعيدي تصغير المعدى ، خففت الدال استثقالا للتشديدين مع ياء التصغير.
(٥) البيتان ينسبان أيضا لزهير بن أبي سلمى في معلقته. وقد سبق تخريجه ، انظر ص ٣١.