أو بسببها ، ومثل ذلك مما يختار قول أبي القاسم الحسين بن علي المغربي في بعض رسائله : ورعوا هشيما تأنّفت روضه ، فإن ـ تأنفت ـ كلمة لا خفاء بحسنها ، لوقوعها الموقع الذي ذكرته ، وكذلك قول أبي الطيب المتنبّي :
إذا سارت الأحداج فوق نباته |
|
تفاوح مسك الغانيات ورنده (١) |
فإن ـ تفاوح ـ كلمة في غاية من الحسن ، وقد قيل : إن أبا الطيب أول من نطق بها على هذا المثال ، وإن وزير كافور الأخشيدي سمع شاعرا نظمها بعد أبي الطيب ، فقال : أخذتموها!.
ومثال ما يكره قول أبي الطيب أيضا :
مبارك الاسم ، أغرّ اللّقب |
|
كريم الجرشّي ، شريف النّسب (٢) |
فإنك تجد في ـ الجرشي ـ تأليفا يكرهه السمع وينبو عنه.
ومثل ذلك قول زهير بن أبي سلمى :
تقي نقي لم يكثّر غنيمة |
|
بنهكة ذي قربى ولا بحقلّد (٣) |
الحقلد ـ كلمة توفي على قبح ـ الجرشي ـ وتزيد عليها.
والثالث ـ أن تكون الكلمة ـ كما قال أبو عثمان الجاحظ ـ غير متوعّرة وحشية ، كقول أبي تمام :
__________________
(١) «ديوان المتنبي بشرح العكبري» (٢ / ٢٠) الأحداج : جمع حدج ؛ وهو مركب النساء. الغانيات : جمع غانية ؛ وهي المرأة التي غنيت بجمالها ، وقيل : بزوجها.
(٢) هذا البيت من قصيدة له في مدح سيف الدولة ، والجرشي بمعنى النفس ، انظر «ديوانه بشرح العكبري» (١ / ١١٠) الجرشي (بكسر الجيم والراء والتشديد) : النفس. واللقب : ما ينبز به الرجل. تقول : لقبته كذا ، فتلقب به وإنما أراد النعت فوضع اللقب موضعه ، واللقب منهي عنه.
(٣) الحقلد : البخيل. النهكة : النقص والإضرار.
«ديوانه» ص ٢٣٤ ، «الصناعتين» ص ٣٠ ، «صبح الأعشى» ٢ / ٢١٦.