لقد طلعت في وجه مصر بوجهه |
|
بلا طالع سدّ ولا طائر كهل (١) |
فإن كهلا ها هنا من غريب اللغة ، وقد روي أن الأصمعي لم يعرف هذه الكلمة وليست موجودة إلا في شعر بعض الهذليين (٢) وهو قوله :
فلو كان سلمى جاره أو أجاره |
|
رياح بن سعد ردّه طائر كهل |
وقد قيل : إن الكهل الضخم ، وكهل لفظة ليست بقبيحة التأليف لكنها وحشية غريبة لا يعرفها مثل الأصمعي.
ومن ذلك أيضا ما يروى عن أبي علقمة النحوي من قوله : ما لكم تتكأكؤون علي تكأكؤكم على ذي جنّة؟ افرنقعوا عني. فإن ـ تتكأكؤون وافرنقعوا ـ وحشي ، وقد جمع لعمري العلتين مع قبح التأليف الذي يمجه السمع والتوعر ، وما أكثر ما تجتمع العلتان في هذا الجنس ، ومن الأمثلة قول أبي تمام :
بنداك يوسى كلّ جرح يعتلي |
|
رأب الأساة بدردبيس قنطر (٣) |
وكذلك قوله :
قدك اتّئد أربيت في الغلواء (٤)
فإن هذه الألفاظ كما ترى وحشية ، ويوجد هذا الجنس في شعر العجّاج وابنه رؤبة
__________________
(١) «ديوان أبي تمام» ٤ / ٥٢٣. من قصيدة يصف فيها تعذّر الرزق عليه في مصر.
كذا في الأصل وفي «ديوانه» المطبوع :
........... |
|
بلا طالع سعد ولا طائر سهل |
(٢) هو : أبو خراش الهذلي ، أدرك الإسلام شيخا كبيرا ، ووفد على عمر بن الخطاب ، «ديوان الهذليين» ٢ / ١١٦. ويقال : طار لفلان طائر كهل ، اذا كان له جد وحظ في الدنيا.
(٣) يوسى : يداوى ، الأساة جمع آس وهو الطبيب. الدردبيس ، والقنطر : من أسماء الدواهي. «ديوان أبي تمام» ٤ / ٤٥٣.
(٤) رواية الديوان ١ / ٢٠ : «قدك اتّئب أربيت في الغلواء» ، وقدك بمعنى : حسبك ، واتئب بمعنى : استحى ، وأربيت بمعنى : زدت ، والغلواء : المبالغة في العذل.